باب: رؤيا أهل السجون والفساد والشرك

-3-9 – باب: رؤيا أهل السجون والفساد والشرك.

لقوله تعالى: {ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمراً وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه نبِّئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين. قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبَّأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مما علَّمني ربي إني تركت ملَّة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون. واتَّبعت ملَّة آبائي إبراهيم وإسحق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكنَّ أكثر الناس لا يشكرون. يا صاحبي السجن أأرباب متفرِّقون – وقال الفضيل لبعض الأتباع: يا عبد الله: أرباب متفرقون – خير أم الله الواحد القهار. ما تعبدون من دونه إلا أسماء سمَّيتموها أنتم وآباءكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيِّم ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون. يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربَّه خمراً وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضي الأمر الذي فيه تستفتيان. وقال للذي ظنَّ أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربِّه فلبث في السجن بضع سنين. وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهنَّ سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون. قالوا أضغاث أحلام وما نحن يتأويل الأحلام بعالمين. وقال الذي نجا منهما وادَّكر بعد أمَّة أنا أنبِّئكم بتأويله فأرسلون. يوسف أيها الصدِّيق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهنَّ سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون. قال تزرعون سبع سنين دأباً فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون. ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدَّمتم لهنَّ إلا قليلاً مما تحصنون. ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون. وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك} /يوسف: 36 – 50/.

وادَّكر: افتعل من ذكر، أمَّة: قرن، وتقرأ: أمه: نسيان.

وقال ابن عباس: يعصرون: الأعناب والدهن. تحصنون: تحرسون.

6591 – حدثنا عبد الله: حدثنا جويرية، عن مالك، عن الزُهري: أن سعيد بن المسيب وأبا عبيد أخبراه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله ﷺ : (لو لبثت في السجن ما لبث يوسف، ثم أتاني الداعي لأجبته).


[ش (أراني) أرى نفسي في المنام. (خمراً) عنباً ليصير خمراً. (نبئنا) أخبرنا. (بتأويله) بتعبيره وتفسيره. (ترزقانه) تطعمانه وتأكلانه. (ملة) دين وطريقة. (متفرقون) متعددون ومتنوعون. (سميتموها) آلهة وأرباباً، وهي حجارة جامدة. (ما أنزل..) لا حجة لكم في عبادتها ولا برهان.

(الحكم) الأمر والنهي والقضاء. (القيم) المستقيم الثابت بالأدلة والبراهين.

(قضي..) فرغ من الأمر الذي سألتما عنه، ووجب حكم الله تعالى عليكما بالذي أخبرتكما به. (ظن) علم وتحقق. (اذكرني) اذكر له أن في السجن غلاماً مظلوماً طال حبسه. (ربك) سيدك. (ذكر ربه) أن يذكره لسيده أو عنده. (فلبث) مكث. (بضع) ما بين ثلاث إلى تسع. (عجاف) مهازيل في غاية الهزال، جمع عجفاء. (الملأ) الأشراف من العلماء والحكماء.

(أفتوني) بينوا لي ما تدل عليه. (تعبرون) تفسرون. (أضغاث أحلام) أخلاط مشتبهة رأيتها في منامك لا تدل على شيء. (بتأويل) بتفسير.

(ادكر) تذكر. (أمة) حين من الزمن ومدة طويلة. (أنبئكم..) أخبركم عمن عنده تفسير ذلك. (الصديق) البليغ في الصدق. (دأباً) مواصلين في زراعتكم كعادتكم. (حصدتم) قطعتم سوقه وأخذتموه. (فذروه) فاتركوه.

(شداد) على الناس لما فيها من الجدب والقحط. (يأكلن) يفنى فيهن.

(ما قدمتم لهن) ما ادخرتم لهذه السنين. (تحصنون) تخبئون وتدخرون للبذر ونحوه. (يغاث الناس) من الغوث وهو الإعانة والنصرة، أو الغيث وهو المطر النافع. (يعصرون) العنب والزيتون والسمسم ونحوها لكثرة الزروع والثمار. (ربك) سيدك الملك. (أمه) وهذه قراءة غير متواترة ولامشهورة، وهي من الشواذ، ونسبت إلى ابن عباس رضي الله عنهما وغيره].