باب: الشهادة تكون عند الحاكم، في ولايته القضاء أو قبل ذلك، للخصم

-3-21 – باب: الشهادة تكون عند الحاكم، في ولايته القضاء أو قبل ذلك، للخصم.

وقال شريح القاضي، وسأله إنسان الشهادة، فقال: ائت الامير حتى أشهد لك.

وقال عكرمة: قال عمر لعبد الرحمن بن عوف: لو رأيت رجلاً على حدٍّ، زناً أو سرقة، و أنت أمير؟ فقال: شهادتك شهادة رجل من المسلمين، قال: صدقت. قال عمر: لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله، لكتبت آية الرجم بيدي.

وأقرَّ ماعز عند النبي صلى الله عليه و سلم بالزنا أربعاً فأمر برجمه، ولم يذكر أن النبي ﷺ أشهد من حضره.

وقال حمَّاد: إذا أقرَّ مرَّة عند الحاكم رُجم. وقال الحكم: أربعاً.

 

6749 – حدثنا قتيبة: حدثنا الليث بن سعد، عن يحيى، عن عمر بن كثير، عن أبي محمد مولى أبي قتادة: أن أبا قتادة قال:

قال رسول الله ﷺ يوم حنين: (من له بيِّنة على قتيل قتله فله سلبه). فقمت لألتمس بيِّنة على  قتيل، فلم أرَ أحداً يشهد لي، فجلست، ثم بدا لي فذكرت أمره إلى رسول الله ﷺ ، فقال رجل من جلسائه، سلاح هذا القتيل الذي يذكر عندي، قال: فأرضه منه، فقال أبو بكر: كلا، لا يعطه أصيبغ من قريش و يدع أسداً من أسد الله، يقاتل عن الله ورسوله، قال: فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم فأدَّاه إلي، فاشتريت منه خرافاً، فكان أول مال تأثَّلتُه.

قال لي عبد الله، عن الليث: فقام النبي صلى الله عليه و سلم فأدَّاه إلي.

وقال أهل الحجاز: الحاكم لا يقضي بعلمه، شهد بذلك في ولايته أو قبلها، ولو أقر خصم عنده لآخر بحق في مجلس القضاء، فإنه لا يقضي عليه في قول بعضهم حتى يدعوا بشاهدين فيحضرهما إقراره.

وقال بعض أهل العراق: ما سمع أو رآه في مجلس القضاء قضى به، وما كان في غيره لم يقض إلا بشاهدَين.

وقال آخرون منهم: بل يقضي به، لأنه مؤتمن، وإنما يراد من الشهادة معرفة الحق، فعلمه أكثر من الشهادة.

و قال بعضهم: يقضي بعلمه في الأموال، ولا يقضي في غيرها.

وقال القاسم: لا ينبغي للحاكم أن يقضي قضاء بعلمه دون علم غيره، مع أن علمه أكثر من شهادة غيره، ولكن فيه تعرُّضاً لتهمة نفسه عند المسلمين، وإيقاعاً لهم في الظنون، وقد كره النبي ﷺ   الظن فقال: (إنما هذه صفيَّة).

6750 – حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن علي بن حسين:

أن النبي ﷺ أتته صفية بنت حيي، فلما رجعت  انطلق معها، فمر به رجلان من الأنصار، فدعاهما فقال: (إنما هي صفية) . قالا: سبحان الله، قال: (إنَّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم).

رواه شعيب، وابن مسافر، وابن أبي عتيق، و اسحق بن يحيى، عن الزُهري، عن علي، يعني ابن حسين، عن صفية، عن النبي ﷺ .


[ ش (الشهادة ..) أي إذا كان الحاكم شاهداً للخصم الذي هو أحد المتحاكمين عنده، هل يحكم بشهادته أم لا؟ سواء تحملها زمن توليه القضاء أم قبله.

(ائت الامير) أي تقاض عند غيري من سلطان أو غيره. (على حد) على

معصية توجب حدًّا. (أمير) حاكم أو قاض، أي و شهدت عندك بهذا.

(شهادة رجل) أي كشهادة رجل واحد، فلا تقبل ما لم يشهد معك غيرك، تتمة العدد المطلوب في الشهادة حسب الحد. و في رواية (لو رأيت..)

و المعنى أنه لا يحكم حتى يشهد على ذلك غيره. سدًّا للذريعة، أي لئلا يتخذ حكام السوء وسيلة للظلم، فيدعوا العلم بالحال إذا أرادوا أن يحكموا بشيء لمن مالوا إليه. (آية الرجم) وهي: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم. والشيخ والشيخة الثيب والثيبة. واستدل بقوله هذا على أنه يشهد أنها لم تنسخ، ولكن لم يلحقها

بالمصحف بشهادته وحده. [فتح]. والجمهور على نسخ تلاوة هذه الآية  وبقاء حكمها.]

[ ش ( أهل الحجاز ) المراد مالك رحمه الله تعالى و من وافقه في هذه  المسألة. (بعض أهل العراق) المراد أبو حنيفة رحمه الله تعالى ومن وافقه. (آخرون) المراد أبو يوسف صاحب أبي حنيفة رحمه الله تعالى و من وافقه. وهو قول الشافعي رحمه الله تعالى. (القاسم) هو ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، كما ذكر في الفتح، ورجح العيني: أنه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، لأنه هو المراد إذا أطلق عند الفقهاء.