-3-2 – باب: الاقتداء بسنن رسول الله ﷺ .
وقول الله تعالى: {واجعلنا للمتقين إماماً} /الفرقان:74/: قال: أئمَّة نقتدي بمن قبلنا، ويقتدي بنا من بعدنا.
وقال ابن عون: ثلاث أحبُّهنَّ لنفسي ولأخواني: هذه السنَّة أن يتعلَّموها ويسألوا عنها، والقرآن أن يتفهَّموه ويسألوا عنه، ويدَعوا الناس إلا من خير.
6847 – حدثنا عمرو بن عبَّاس: حدثنا عبد الرحمن: حدثنا سفيان، عن واصل، عن أبي وائل قال:
جلست إلى شَيْبَة في هذا المسجد، قال: جلس إليَّ عمر في مجلسك هذا، فقال: هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها بين المسلمين، قلت: ما أنت بفاعل، قال: لم؟ قلت: لم يفعله صاحباك، قال: هما المرآن يُقتدى بهما.
6848 – حدثنا عليُّ بن عبد الله: حدثنا سفيان قال: سألت الأعمش فقال: عن زيد بن وهب: سمعت حذيفة يقول:
حدثنا رسول الله ﷺ : (أنَّ الأمانة نزلت من السماء في جذر قلوب الرجال، ونزل القرآن فقرؤوا القرآن، وعلموا من السنَّة).
6849 – حدثنا آدم بن أبي إياس: حدثنا شعبة: أخبرنا عمرو بن مُرَّة:
سمعت مُرَّة الهمداني يقول: قال عبد الله: إن أحسن الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد ﷺ ، وشرُّ الأمور مُحدَثاتُها، و{إن ما توعدون لآتٍ وما أنتم بمعجزين}.
6850 – حدثنا مسدد: حدثنا سفيان: حدثنا الزُهري، عن عبيد الله، عن أبي هريرة وزيد بن خالد قالا:
كنا عند النبي ﷺ فقال: (لأقضيَنَّ بينكما بكتاب الله).
6851 – حدثنا محمد بن سنان: حدثنا فُلَيْح: حدثنا هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال:
(كلُّ أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى). قالوا: يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال: (من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى).
6852 – حدثنا محمد بن عبادة: أخبرنا يزيد: حدثنا سليم بن حيَّان، وأثنى عليه: حدثنا سعيد بن ميناء: حدثنا أو سمعت: جابر بن عبد الله يقول:
جاءت ملائكة إلى النبي ﷺ وهو نائم، فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: إن لصاحبكم هذا مثلاً، فاضربوا له مثلاً، فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمةً، والقلب يقظان، فقالوا: مَثَلُهُ كمثل رجل بنى داراً، وجعل فيها مأدبة وبعث داعياً، فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة، فقالوا: أوِّلوها له يفقهها، فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: فالدار الجنة، والداعي محمد ﷺ ، فمن أطاع محمداً ﷺ فقد أطاع الله، ومن عصى محمداً ﷺ فقد عصى الله، ومحمد ﷺ فرَّق بين الناس.
تابعه قتيبة، عن ليث، عن خالد، عن سعيد بن أبي هلال، عن جابر: خرج علينا النبي ﷺ .
6854 – حدثنا أبو نعيم: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن همَّام، عن حذيفة قال: يا معشر القرَّاء استقيموا، فقد سبقتم سبقاً بعيداً، فإن أخذتم يميناً وشمالاً، لقد ضللتم ضلالاً بعيداً.
6854 – حدثنا أبو كُرَيب: حدثنا أبو أسامة، عن بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي ﷺ قال:
(إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به، كمثل رجل أتى قوماً فقال: يا قوم إني رأيت الجيش بعينيَّ، وإني أنا النذير العُريان، فالنجاء، فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا، فانطلقوا على مهلهم فنجوا، وكذَّبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم، فصبَّحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به، ومثل من عصاني وكذَّب بما جئت به من الحق).
6855 – حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا ليث، عن عقيل، عن الزُهري: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة قال:
لمَّا توفي رسول الله ﷺ واستُخلف أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر لأبي بكر: كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله ﷺ : (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله). فقال: والله لأقاتلنَّ من فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حقُّ المال، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدُّونه إلى رسول الله ﷺ لقاتلتهم على منعه. فقال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق.
قال ابن بكير وعبد الله، عن الليث: عناقاً، وهو أصح.
6856 – حدثني إسماعيل:حدثني ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:
قدم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، فنزل على بن أخيه الحُرِّ بن قيس بن حصن، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان القرَّاء أصحاب مجلس عمر ومشاورته، كهولاً كانوا أو شبَّاناً، فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي، هل لك وجه عند هذا الأمير فتستأذن لي عليه؟ قال: سأستأذن لك عليه، قال ابن عباس: فاستأذن لعيينة، فلمَّا دخل قال: يا ابن الخطاب، والله ما تعطينا الجَزْل، ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى همَّ بأن يقع به، فقال الحرُّ: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيِّه ﷺ : {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}. وإن هذا من الجاهلين، فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقَّافاً عند كتاب الله.
6857 – حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها قالت: أتيت عائشة حين خسفت الشمس والناس قيام، وهي قائمة تصلي، فقلت: ما للناس؟ فأشارت بيدها نحو السماء فقالت: سبحان الله، فقلت: آيةٌ؟ قال برأسها: أن نعم، فلما انصرف رسول الله ﷺ حمد الله وأثنى عليه ثم قال: (ما من شيء لم أره إلا وقد رأيته في مقامي هذا، حتى الجنة والنار، وأوحي إليَّ أنكم تُفتَنون في القبور قريباً من فتنة الدجَّال، فأما المؤمن أو المسلم – لا أدري أيَّ ذلك قالتأسماء – فيقول: محمد جاءنا بالبيِّنات فأجبناه وآمنا، فيقال: نم صالحاً علمنا أنك موقن، وأما المنافق أو المرتاب – لا أدري أيَّ ذلك قالت أسماء – فيقول: لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته).
6858 – حدثنا إسماعيل: حدثني مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة،
عن النبي ﷺ قال: (دعوني ما تركتكم، إنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم).
[ش (قال) قيل: القائل هو مجاهد. (يدعوا الناس) يتركوهم ولا يتدخَّلوا في شؤونهم].
[ش (الهدي) السمت والطريقة، وفي رواية(الهدى) وهو ضد الضلال. (شر الأمور) أسوؤها. (ومحدثاتها) جمع محدثة، قال في الفتح: والمراد به ما أحدث وليس له أصل في الشرع، ويسمى في عرف الشرع بدعة.
وما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة، فالبدعة في الشرع مذمومة، بخلاف اللغة، فإن كل شيء أحدث على غير مثال يسمَّى بدعة، سواء كان محموداً أو مذموماً، وكذا القول في المحدثة. (بمعجزين) بفائتين من العذاب. /الأنعام: 134/].
[ش (أبى) امتنع عن قبول الدعوة أو عن امتثال الأمر].
[ش (وأثنى عليه) أي أثنى يزيد على سليم بن حيان، والقائل بهذا هو محمد شيخ البخاري. (ملائكة) جاء أنهما جبريل وميكائيل عليهما السلام.
(مثله) صفته. (مأدبة) وليمة. (داعياً) من يدعو الناس إلى الوليمة. (أوِّلوها) فسروها واكشفوها له كما هو تعبير الرؤيا. (يفقهها) يفهمها ويفهم المراد منها. (فرق) ميز المطيع من العاصي منهم].
[ش (القراء) جمع قارئ، والمراد العالم بالقرآن والسنة. (استقيموا) اسلكوا طريق الاستقامة، وهي كناية عن التمسك بأمر الله تعالى والاقتداء بسنن رسول الله ﷺ ، فعلاً وتركاً. (سبقتم..) أي إن استقمتم سبقتم غيركم سبقاً ظاهراً إلى كل خير، وروي: (سُبِقْتُمْ) أي سبقكم السلف سبقاً متمكناً، فلعلكم تلحقون بهم بعض اللحوق. (أخذتم يميناً وشمالاً) خالفتم الأمر وأخذتم غير طريق الاستقامة.]
[ش (حق المال) أي داخل تحت الاستثناء الرافع للعصمة المبيح للقتال. (عقالاً) هو الحبل الذي تُشَدُّ به يد البعير مع ذراعه حتى لا يشرد. (عناقاً) العناق الأنثى من أولاد المعز ما لم يتمَّ لها سنة].
[ش أخرجه مسلم في الحج، باب: فرض الحج مرة في العمر. وفي الفضائل، باب: توقيره ﷺ وترك إكثار سؤاله مما لا ضرورة إليه..، رقم: 1337.
(دعوني) اتركوني ولا تسألوني. (بسؤالهم) كثرة أسئلتهم. (ما استطعتم) قدر استطاعتكم، بعد الإتيان بالقدر الواجب الذي لا بد منه. قال النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم: هذا من قواعد الإسلام ومن جوامع الكلم التي أعطيها ﷺ ، ويدخل فيه ما لا يحصى من الأحكام].