-3- 45 – باب: فضل السجود.
773 – حدثنا أبو اليمان قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني سعيد بن المسيب، وعطاء بن يزيد الليثي: أن أبا هريرة أخبرهما:
أن الناس قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: (هل تمارون في القمر ليلة بدر، ليس دونه حجاب). قالوا: لا يا رسول الله، قال: (فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب). قالوا: لا، قال: (فإنكم ترونه كذلك، يحشر الناس يوم القيامة، فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبع، فمنهم من يتبع الشمس، ومنهم من يتبع القمر، ومنهم من يتبع الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتهم الله فيقول: أنا ربكم، فيقولون هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم الله فيقول: أنا ربكم، فيقولون أنت ربنا، فيدعوهم فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم، فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته، ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل، وكلام الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم، وفي جهنم كلاليب، مثل شوك السعدان، هل رأيتم شوك السعدان). قالوا: نعم، قال: (فإنها مثل شوك السعدان، غير أنه لا يعلم قدرعظمها إلا الله، تخطف الناس بأعمالهم، فمنهم من يوبق بعمله، ومنهم من يخردل ثم ينجو، حتى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار، أمر الله الملائكة: أن يخرجوا من كان يعبد الله، فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السجود، وحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجون من النار، فكل ابن أدم تأكله النار إلا أثر السجود، فيخرجون من النار قد امتحشوا فيصب عليهم ماء الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد، ويبقى رجل بين الجنة والنار، وهو آخر أهل النار دخولا الجنة، مقبل بوجهه قبل النار، فيقول: يا رب اصرفوجهي عن النار، قد قشبني ريحها، وأحرقني ذكاؤها، فيقول: هل عسيت إن فعل ذلك بك أن تسأل غير ذلك؟ فيقول: لا وعزتك، فيعطي الله ما يشاء من عهد وميثاق، فيصرف الله وجهه عن النار، فإذا أقبل به على الجنة، رأى بهجتها سكت ما شاء الله أن يسكت، ثم قال: يا رب قدمني عند باب الجنة، فيقول الله له: أليس قد أعطيت العهود والميثاق، أن لا تسأل غير الذي كنت سألت؟ فيقول: يا رب لا أكون أشقى خلقك، فيقول: فما عسيت إن أعطيت ذلك أن لا تسأل غيره؟ فيقول: لا وعزتك، لا أسأل غير ذلك، فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق، فيقدمه إلى باب الجنة، فإذابلغ بابها، فرأى زهرتها، وما فيها من النضرة والسرور، فيسكت ما شاء الله أن يسكت، فيقول: يارب أدخلني الجنة، فيقول الله: ويحك يا بن آدم، ما أغدرك، أليس قد أعطيت العهد والميثاق، أن لا تسأل غير الذي أعطيت؟ فيقول: يا رب لا تجعلني أشقى خلقك، فيضحك الله عز وجل منه، ثم يأذن له في دخول الجنة، فيقول: تمن، فيتمنى حتى إذا انقطعت أمنيته، قال الله عز وجل: من كذا وكذا، أقبل يذكره ربه، حتى إذا انتهت به الأماني، قال الله تعالى: لك ذلك ومثله معه).
قال أبو سعيد الخدري لأبي هريرة رضي الله عنهما: إن رسول الله ﷺ قال: (قال الله لك ذلك وعشرة أمثاله). قال أبو هريرة: لم أحفظ من رسول الله ﷺ إلا قوله: (لك ذلك ومثله معه). قال أبو سعيد: إني سمعته يقول: (ذلك لك وعشرة أمثاله).
[ش أخرجه مسلم في الإيمان، باب: معرفة طريق الرؤية، رقم: 182.
(تمارون) تشكون. (سحاب) غيم. (يحشر) يجمع بعد البعث. (فليتبع) في نسخة. (فليتبعه). (الطواغيت) جمع طاغوت، وهو كل رأس في الضلال، وكل من صد عن طريق الله عز وجل وعبادته. (شوك السعدان) نبت له شوك. (بأعمالهم) بسبب أعمالهم السيئة، وبقدرها وعلى حسبها. (يوبق) يهلك. (يخردل) تقطعه كلاليب جهنم قطعا صغيرة كالخردل. (تأكل أثر السجود) تحرق موضع أثره. (امتحشوا) احترقوا واسودوا. (ماء الحياة) هو ماء من شرب منه أو صب عليه لا يموت أبدا. (حميل السيل) ما يحمله السيل من طين ونحوه. شبه نباتهم بذلك لأنه أسرع في الإنبات. (قشبني) سمني وأهلكني. (ذكاؤها) لهيبها وشدة إشتعالها ووهجها. (بهجتها) حسنها ونضارتها. (الميثاق) في نسخة (المواثيق). (ويحك) كلمة رحمة، كما أن (ويلك) كلمة عذاب. (ما أغدرك) ما أكثر تركك للوفاء بالعهد والميثاق. (فيضحك الله) المراد بالضحك هنا ما يلزم عنه وهو الرضا وإرادة الخير، أو هو ضحك يليق به سبحانه وتعالى. (تمن) اطب ما تحب وترغب.(انقطع) في نسخة (انقطعت)أي انتهت. (أمنيته) طلباته ورغباته. (من كذا وكذا) أي اذكر هذه الأماني التي كانت في نفسك قبل أن أذكرك بها، وفي نسخة (تمن كذا وكذا) وفي ثالثة (زد من كذا وكذا). (يذكره ربه) الأماني التي غابت عنه].