باب: ما أدى زكاته فليس بكنز

-3- 4 – باب: ما أدى زكاته فليس بكنز.

لقول النبي ﷺ : (ليس فيما دون خمس أواق صدقة).

1339 – وقال أحمد بن شبيب بن سعيد: حدثنا أبي، عن يونس، عن ابن شهاب، عن خالد بن أسلم قال:

 خرجنا مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقال أعرابي: أخبرني قول الله: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله}. قال ابن عمر رضي الله عنهما: من كنزها فلم يؤدي زكاتها فويل له، إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة، فلما أنزلت جعلها الله طهرا للأموال. 

1340 – حدثنا إسحق بن يزيد: أخبرنا شعيب بن إسحق: قال الأوزاعي: أخبرني يحيى بن أبي كثير: أن عمرو بن يحيى بن عمارة أخبره، عن أبيه يحيى بن عمارة بن أبي الحسن: أنه سمع أبا سعيد رضي الله عنه يقول:

قال النبي ﷺ : (ليس فيما دون خمس أواق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود صدقة، وليس فيما دون خمس أوسق صدقة). 

1341 – حدثنا علي: سمع هشيما: أخبرنا حصين، عن زيد بن وهب قال:

 مررت بالربذة، فإذا أنا بأبي ذر رضي الله عنه، فقلت له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشأم، فاختلفت أنا ومعاوية في: {الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله}. قال معاوية: نزلت في أهل الكتاب، فقلت: نزلت فينا وفيهم، فكان بيني وبينه في ذاك، وكتب إلى عثمان رضي الله عنه يشكوني، فكتب إلي عثمان أن أقدم المدينة، فقدمتها، فكثر علي الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذاك لعثمان، فقال لي: إن شئت تنحيت، فكنت قريبا. فذاك الذي أنزلني هذا المنزل، ولو أمروا علي حبشيا لسمعت وأطعت.

1342 – حدثنا عياش: حدثنا عبد الأعلى: حدثنا الجريري، عن أبي العلاء، عن الأحنف بن قيس قال: جلست. وحدثني إسحق بن منصور: أخبرنا عبد الصمد قال: حدثني أبي: حدثنا الجريري: حدثنا أبو العلاء بن الشخير: أن الأحنف بن قيس حدثهم قال:

 جلست إلى ملأ من قريش، فجاء رجل، خشن الشعر والثياب والهيئة، حتى قام عليهم، فسلم ثم قال: بشر الكانزين برضف يحمى عليه من نار جهنم، ثم يوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض كتفيه، ويوضع على نغض كتفه حتى يخرج من حلمة ثديه، يتزلزل. ثم ولى فجلس إلى سارية، وتبعته وجلست إليه، وأنا لا أدري من هو، فقلت له: لا أرى القوم إلا قد كرهوا الذي قلت؟ قال: إنهم لا يعقلون شيئا. قال لي الخليلي، قال: قلت: من خليلك؟ قال: النبي ﷺ : (يا أبا ذر، أتبصر أحدا). قال: فنظرت إلى الشمس ما بقي من النهار، وأنا أرى أن رسول الله ﷺ يرسلني في حاجة له، قلت: نعم. قال: (ما أحب أن لي مثل أحد ذهبا، أنفقه كله، إلا ثلاثة دنانير). وإن هؤلاء لا يعقلون، إنما يجمعون الدنيا، لا والله، لا أسألهم دنيا، ولا أستفتيهم عن دين، حتى ألقى الله.


[ش (أخبرني قول) عن معنى قول. (فويل) هلاك وحزن ومشقة من العذاب. (كان هذا) تحريم كنز المال مطلقا. (تنزل الزكاة) تفرض بمقادير معينة. (جعلها) أي الزكاة. (طهرا للأموال) مطهرة لها وحصنا يحفظها، وأصبح ما فضل عن الزكاة حلالا طيبا لمالكه، يتصرف به لشؤونه بالوجه المشروع الذي يريد].

[ش أخرجه مسلم في أول كتاب الزكاة، رقم: 979.

(أواق) جمع أوقية، وهي أربعون درهما. (صدقة) زكاة. (ذود) ثلاثة إلى عشرة من الإبل. (أوسق) جمع وسق، وهو ستون صاعا من ثمر أو حب].

[ش (الربذة) موضع على ثلاث مراحل من المدينة، فيه قبر أبي ذر رضي الله عنه. (فكان بيني وبينه في ذاك) نزاع، فيمن نزلت هذة الآية. (كثر علي الناس) يسألونه عن سبب خروجه من دمشق، وعما جرى بينه وبين معاوية. (تنحيت) اعتزلت وتباعدت. وانظر في شرح الآية الحديث (1339) وشرحه].

[ش أخرجه مسلم في الزكاة، باب: في الكانزين للأموال والتغليظ عليهم، رقم: 992.

(ملأ) جماعة. (رجل) هو أبو ذر رضي الله عنه. (قام عليهم) وقف عليهم. (الهيئة) الحالة الظاهرة. (برضف) حجارة محماة. (حلمة) رأس الثدي. (نغض) العظم الرقيق على طرف الكتف، ويسمى الغضروف. (يتزلزل) يتحرك ويضطرب. (سارية) أسطوانة ودعامة. (خليلي) صديقي الذي تخللت محبته في قلبي. (ما بقي من النهار) أتعرف القدر الذي بقي من النهار. (أرى) أظن. (إلا ثلاثة دنانير) لقضاء حوائجه وأداء دينه ونفقة عياله. (دنيا) أي شيء من متاعها].