باب: الاستعفاف عن المسألة

-3- 49 – باب: الاستعفاف عن المسألة.

1400 – حدثنا عبد الله بن يوسف: أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:

 إن ناسا من الأنصار، سألوا رسول الله ﷺ فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفذ ما عنده، فقال: (ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر).

1401 – حدثنا عبد الله بن يوسف: أخبرنا مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه:

 أن رسول الله ﷺ قال: (والذي نفسي بيده، لأن يأخذ أحدكم حبله، فيحتطب على ظهره، خير له من أن يأتي رجلا فيسأله، أعطاه أو منعه).

1402 – حدثنا موسى: حدثنا وهيب: حدثنا هشام، عن أبيه، عن الزبير بن العوام رضي الله عنه،

 عن النبي ﷺ قال: (لأن يأخذ أحدكم حبله، فيأتي بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها، فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه).

1403 – حدثنا عبدان: أخبرنا عبد الله: أخبرنا يونس، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب: أن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال:

 سألت رسول الله ﷺ فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: (يا حكيم، إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، اليد العليا خير من اليد السفلى). قال حكيم: فقلت: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق، لا أرزأ أحدا بعدك شيئا، حتى أفارق الدنيا. فكان أبو بكر رضي الله عنه يدعو حكيما إلى العطاء فيأبى أن يقبله منه، ثم إن عمر رضي الله عنه دعاه ليعطيه فأبى أن يقبل منه شيئا، فقال عمر: إني أشهدكم يا معشر المسلمين على حكيم، أني أعرض عليه حقه من هذا الفيء، فيأبى أن يأخذه. فلم يرزأ حكيم أحدا من الناس بعد رسول الله ﷺ حتى توفي.

[ر:1361]


[ش أخرجه مسلم في الزكاة، باب: فضل التعفف والصبر، رقم: 1053.

(فلن أدخره عنكم) لن أحبسه وأمنعكم منه. (يستعفف) يظهر العفة ويكف عن السؤال].

[ش (فيكف الله بها وجهه) يمنعه الله تعالى ويحميه بسببها من أن يريق ماء وجهه ويذل نفسه بالسؤال].

[ش أخرجه مسلم في الزكاة، باب: بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى..، رقم: 1035.

(خضرة حلوة) كالفاكهة، الخضرة في المنظر الحلوة في المذاق، ولذلك ترغبه النفوس، وتميل إليه وتحرص عليه. (بسخاوة نفس) بغير إلحاح في السؤال، ولا طمع ولا حرص، ولا إكراه أو إحراج للمعطي. (بورك له فيه) كثر ونما وكان رزقا حلالا يشعر بلذته. (بإشراف نفس) بإلحاح في السؤال، وتطلع لما في أيدي غيره، وشدة حرصه على تحصيله، مع إكراه المعطي وإحراجه. (كالذي يأكل ولا يشبع) لا يقنع بما يأتيه، وأصبح كمن أصيب بمرض الجوع الكاذب، الذي كلما ازداد أكلا ازداد جوعا، فكلما جمع من المال شيئا ازداد رغبة في غيره، وازداد شحا وبخلا بما في يده وحرصا عليه. (لا أرزأ) لاأنقص ماله بالطلب، والمعنى: لا آخذ. (الفيء) ما أخذ من الكفار من غير قتال].