باب: قول الله تعالى: {لا يسألون الناس إلحافا}. وكم الغنى.

-3- 52 – باب: قول الله تعالى: {لا يسألون الناس إلحافا} /البقرة: 273/. وكم الغنى.

-وقول النبي ﷺ : (ولا يجد غنى يغنيه). [ر:1409]. لقول الله تعالى: {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله – إلى قوله – فإن الله به عليم}. /البقرة: 273/.

1406 – حدثنا حجاج بن منهال: حدثنا شعبة: أخبرني محمد بن زياد قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه،

عن النبي ﷺ قال: (ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان، ولكن المسكين الذي ليس له غنى، ويستحيي، أو، لا يسأل الناس إلحافا).

1407 – حدثنا يعقوب بن إبراهيم: حدثنا إسماعيل بن علية: حدثنا خالد الحذاء، عن ابن أشوع، عن الشعبي: حدثني كاتب المغيرة بن شعبة قال: كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة: أن اكتب إلي بشيء سمعته من النبي ﷺ ، فكتب إليه:

 سمعت النبي ﷺ يقول (إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وإضاعة المال وكثرة السؤال).

[2277، 5630، وانظر: 808]

1408 – حدثنا محمد بن غرير الزهري: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب قال: أخبرني عامر بن سعد، عن أبيه قال:

 أعطى رسول الله ﷺ رهطا وأنا جالس فيهم، قال: فترك رسول الله ﷺ منهم رجلا لم يعطه، وهو أعجبهم إلي، فقمت إلى رسول الله ﷺ فساررته، فقلت: مالك عن فلان، والله إني لأراه مؤمنا؟ قال: (أو مسلما). قال فسكت قليلا، ثم غلبني ما أعلم فيه، فقلت: يا رسول الله، مالك عن فلان، والله إني لأراه مؤمنا؟ قال: (أو مسلما). قال: فسكت قليلا، ثم غلبني ما أعلم فيه، فقلت: يا رسول الله، مالك عن فلان، والله إني لأراه مؤمنا قال: (أو مسلما). يعني: فقال: (إني لأعطي الرجل، وغيره أحب إلي منه، خشية أن يكب في النار على وجهه).

وعن أبيه، عن صالح، عن إسماعيل بن محمد أنه قال: سمعت أبي يحدث هذا، فقال في حديثه: فضرب رسول الله ﷺ بيده، فجمع بين عنقي وكتفي، ثم قال: (أقبل أي سعد، إني لأعطي الرجل).

قال أبو عبد الله: {فكبكبوا} قلبوا. {مكبا}: أكب الرجل إذا كان فعله غير واقع على أحد، فإذا وقع الفعل، قلت: كبه الله لوجهه، وكببته أنا.

قال أبو عبد الله: صالح بن كيسان أكبر من الزهري، وهو قد أدرك ابن عمر.

[ر:27]

1409 – حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال: حدثني مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه:

 أن رسول الله ﷺ قال: (ليس المسكين الذي يطوف على الناس، ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين: الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن به فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس).

[ر:1406]

1410 – حدثنا عمر بن حفص بن غياث: حدثنا أبي: حدثنا الأعمش: حدثنا أبو صالح، عن أبي هريرة،

عن النبي ﷺ قال: (لأن يأخذ أحدكم حبله، ثم يغدو – أحسبه قال – إلى الجبل، فيحتطب، فيبيع، فيأكل ويتصدق، خير له من أن يسأل الناس).

[ر:1401]

قال أبو عبد الله: صالح بن كيسان أكبر من الزهري، وهو قد أدرك ابن عمر.


[ش (إلحافا) إلحاحا، وهو ملازمة المسؤول حتى يعطيه. (أحصروا) منعهم الجهاد من التجارة والكسب. وتتمة الآية: {لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم}. (ضربا في الأرض) سفرا للتسبب في طلب ما يستغنون به. (الجاهل) الذي لا يعرف حقيقة أمرهم. (من التعفف) بمظهرهم ومقالهم. (بسيماهم) صفتهم التي يعرفها في وجوههم من كان ذا نظر دقيق].

[ش أخرجه مسلم في الزكاة، باب: المسكين الذي لا يجد غنى ولا يفطن له فيتصدق عليه، رقم: 1039.

(ليس المسكين) الفقير المحتاج المتكامل في احتياجه. (ترده) تسد حاجته. (الأكلة) اللقمة، أي: أي شيء يعطاه قليلا كان أم كثيرا. (غنى) سعة ويسار يسد حاجته].

[ش (قيل وقال) الاشتغال بما لا يعني من أقاويل الناس. (إضاعة المال) بإنفاقه في المعاصي أو الإسراف فيه في المباحات. (السؤال) طلب أموال الناس، أو السؤال في العلم عما في دنيا أو آخرة].

[ش أخرجه مسلم في الإيمان، باب: تألف قلب من يخاف على إيمانه لضعفه، رقم: 150.

(فساررته) تكلمت معه سرا من الحضور. (فجمع) أي في ضربته. (أقبل أي سعد) تعالى يا سعد لأبين لك. (فكبكبوا) ألقوا في النار على وجوههم مرة بعد أخرى. واللفظ من الآية /94/ من سورة الإسراء. (مكبا) متساقطا على وجهه، متعثرا في مشيته، واللفظ من الآية /22/ من سورة الملك].