باب: فضل مكة وبنيانها

-3- 41 – باب: فضل مكة وبنيانها.

-وقوله تعالى: {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود. وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير. وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم. ربنا واجعلما مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم}. /البقرة: 126 – 128/.

1505:حدثنا عبد الله بن محمد: حدثنا أبو عاصم قال: أخبرني ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن دينار قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:

 لما بنيت الكعبة، ذهب النبي ﷺ وعباس ينقلان الحجارة، فقال العباس للنبي ﷺ : اجعل إزارك على رقبتك، فخر إلى الأرض، وطمحت عيناه إلى السماء، فقال: (أرني إزاري). فشده عليه.

[ر:357]

1506/1509: حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله: أن عبد الله بن محمد بن أبي بكر: أخبر عبد الله بن عمر، عن عائشة رضي الله عنهم، زوج النبي ﷺ :

 أن رسول الله ﷺ قال لها: (ألم تري أن قومك لما بنوا الكعبة، اقتصروا عن قواعد إبراهيم). فقلت: يا رسول الله، ألا تردها على قواعد إبراهيم، قال: (لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت). فقال عبد الله رضي الله عنه: لئن كانت عائشة رضي الله عنها سمعت هذا من رسول الله ﷺ ، ما أرى رسول الله ﷺ ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر، إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم.

(1507) – حدثنا مسدد: حدثنا أبو الأحوص: حدثنا أشعث، عن الأسود بن يزيد، عن عائشة رضي الله عنها قالت:

 سألت النبي ﷺ عن الجدر، أمن البيت هو؟ قال: (نعم). قلت: فما لهم لم يدخلوه في البيت؟ قال: (إن قومك قصرت بهم النفقة). قلت: فما شأن بابه مرتفعا؟ قال: (فعل ذلك قومك، ليدخلوا من شاؤوا ويمنعوا من شاؤوا، ولولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية، فأخاف أن تنكر قلوبهم، أن أدخل الجدر في البيت، وأن ألصق بابه بالأرض).

(1508) – حدثنا عبيد بن إسماعيل: حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت:

 قال لي رسول الله ﷺ : (لولا حداثة قومك بالكفر، لنقضت البيت، ثم لبنيته على أساس إبراهيم عليه السلام، فإن قريشا استقصرت بناءه، وجعلت له خلفا).

قال أبو معاوية: حدثنا هشام: خلفا، يعني بابا.

(1509) – حدثنا بيان بن عمرو: حدثنا يزيد: حدثنا جرير بن حازم: حدثنا يزيد بن رومان، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها:

 أن النبي ﷺ قال لها: (يا عائشة، لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية، لأمرت بالبيت فهدم، فأدخلت فيه ما أخرج منه، وألزقته بالأرض، وجعلت له بابين بابا شرقيا وبابا غربيا، فبلغت به أساس إبراهيم).

فذلك الذي حمل ابن الزبير رضي الله عنهما على هدمه. قال يزيد: وشهدت ابن الزبير حين هدمه وبناه، وأدخل فيه من الحجر، وقد رأيت أساس إبراهيم، حجارة كأسنمة الإبل. قال جرير: فقلت له: أين موضعه؟ قال: أريكه الآن، فدخلت معه الحجر، فأشار إلى مكان، فقال: ها هنا، قال جرير: فحزرت من الحجر ستة أذرع أو نحوها.

[ر:126]


[ش (مثابة) مرجعا يأتون إليه من كل جانب. (أمنا) مأمنا لهم من الظلم والإغارة الواقعة في غيره. (اتخذوا) اجعلوا. (مقام إبراهيم) وهو الحجر الذي وقف عليه عند قيامه ببناء البيت، ومكانه معروف الآن إلى جانب الكعبة. (مصلى) مكانا تصلون عنده وتدعون. (عهدنا) أمرنا. (طهرا) طهارة مادية من الأنجاس، ومعنوية من الشرك والأوثان. (العاكفين) المقيمين في الحرم. (الركع السجود) المصلين، جمع راكع وساجد. (هذا) البلد. (فأمتعه قليلا) أتركه يتلذذ بحظوظ الدنيا مدة حياته. (ثم اضطره) ألجئه في الآخرة. (القواعد) جمع قاعدة وهي الأساس، ورفعها البناء عليه. (أرنا مناسكنا) علمنا شرائع عبادتنا وحجنا].

[ش (فخر) وقع. (طمحت) شخصت وارتفعت. (أرني) أعطني].

[ش أخرجه مسلم في الحج، باب: نقض الكعبة وبنائها، رقم: 1333.

(لما بنوا الكعبة) قبل الإسلام. (اقتصروا) نقصوا. (الحجر) المبني حوله جدار قصير إشارة إليه. (لم يتمم) أي أخرج منه ما كان ركنا].

[ش أخرجه مسلم في الحج، باب: جدر الكعبة وبابها، رقم: 1333.

(الجدر) في نسخة (الجدار) والمراد الحجر الذي حول الجدار].

[ش (بابا) من خلفه، مقابل الباب الموجود الآن].

[ش (حديث عهد) عهدهم قريب، أي لم يمض عليهم زمن طويل لتركهم الجاهلية. (ألزقته) جعلته ملتصقا غير مرتفع. (فذلك) أي حديث عائشة رضي الله عنها. (كأسنمة) صخور كبيرة أمثال ظهور الإبل. (أين موضعه) أي الأساس. (فحزرت) قدرت].