باب: فرض الخمس

-3- 1 – باب: فرض الخمس.

2925 – حدثنا عبدان: أخبرنا عبد الله: أخبرنا يونس، عن الزهري قال: أخبرني علي بن الحسين: أن حسين بن علي عليهما السلام أخبره: أن عليا قال: كانت لي شارف من نصيبي من الغنم يوم بدر، وكان النبي ﷺ أعطاني شارفا من الخمس، فلما أردت أن أبتني بفاطمة بنت رسول الله ﷺ ، واعدت رجلا صواغا من بني قينقاع أن يرتحل معي، فنأتي بإذخر أردت أن أبيعه الصواغين، وأستعين به في وليمة عرسي، فبينا أنا أجمع لشارفي متاعا من الأقتاب والغرائر والحبال، وشارفاي مناخان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار، رجعت حين جمعت ما جمعت، فإذا شارفاي قد اجتب أسنمتهما، وبقرت خواصرهما وأخذ من أكبادهما، فلم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر منهما، فقلت: من فعل هذا؟ فقالوا: فعل حمزة بن عبد المطلب، وهو في هذا البيت في شرب من الأنصار، فانطلقت حتى أدخل على النبي ﷺ وعنده زيد ابن حارثة، فعرف النبي ﷺ الذي لقيت، فقال النبي ﷺ : (ما لك). فقلت: يا رسول الله، ما رأيت كاليوم قط، عدا حمزة على ناقتي فأجب أسنمتهما، وبقر خواصرهما، وها هو ذا في بيت معه شرب، فدعا النبي ﷺ بردائه فارتدى، ثم انطلق يمشي، واتبعته أنا وزيد بن حارثة حتى جاء البيت الذي فيه حمزة، فاستأذن فأذنوا لهم، فإذا هم شرب، فطفق رسول الله ﷺ يلوم حمزة فيما فعل، فإذا حمزة قد ثمل، محمرة عيناه، فنظر حمزة إلى رسول الله ﷺ ثم صعد النظر، فنظر إلى ركبته، ثم صعد النظر، فنظر إلى سرته، ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه، ثم قال حمزة: هل أنتم إلا عبيد لأبي، فعرف رسول الله ﷺ أنه قد ثمل، فنكص رسول الله ﷺ على عقبيه القهقرى، وخرجنا معه.

2926 – حدثنا عبد العزيز بن عبد الله: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير: أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أخبرته:

أن فاطمة عليها السلام، ابنة رسول الله ﷺ : سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله ﷺ : أن يقسم لها ميراثها، ما ترك رسول الله ﷺ مما أفاء الله عليه، فقال أبو بكر: إن رسول الله ﷺ قال: (لا نورث،ما تركنا صدقة). فغضبت فاطمة بنت رسول الله ﷺ فهجرت أبا بكر، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت، وعاشت بعد رسول الله ﷺ ستة أشهر، قالت: وكانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله ﷺ من خيبر وفدك، وصدقته بالمدينة، فأبى أبو بكر عليها ذلك وقال: لست تاركا شيئا كان رسول الله ﷺ يعمل به إلا عملت به، فإني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ. فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى علي وعباس، وأما خيبر وفدك فأمسكها عمر وقال: هما صدقة رسول الله ﷺ ، كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه، وأمرهما إلى من ولي الأمر، قال: فهما على ذلك إلى اليوم.

2927 – حدثنا إسحاق بن محمد الفروي: حدثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن مالك بن أوس بن الحدثان، وكان محمد بن جبير ذكر لي ذكرا من حديثه ذلك، فانطلقت حتى أدخل على مالك بن أوس، فسألته عن ذلك الحديث، فقال مالك:

بينا أنا جالس في أهلي حين متع النهار، إذا رسول عمر بن الخطاب يأتيني، فقال: أجب أمير المؤمنين، فانطلقت معه حتى أدخل على عمر، فإذا هو جالس على رمال سرير، ليس بينه وبينه فراش، متكئ على وسادة من أدم، فسلمت عليه ثم جلست، فقال: يا مال، إنه قدم علينا من قومك أهل أبيات، وقد أمرت فيهم برضخ، فاقبضه فاقسمه بينهم، فقلت: يا أمير المؤمنين لو أمرت به غيري، قال: اقبضه أيها المرء، فبينا أنا جالس عنده أتاه حاجبه يرفأ، فقال: هل لك في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد بن أبي وقاص يستأذنون؟ قال: نعم، فأذن لهم فدخلوا فسلموا وجلسوا، ثم جلس يرفأ يسيرا، ثم قال: هل لك في علي وعباس؟ قال: نعم، فأذن لهما فدخلا فسلما فجلسا، فقال عباس: يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا، وهما يختصمان فيما أفاء الله على رسوله ﷺ من بني النضير، فقال الرهط، عثمان وأصحابه: يا أمير المؤمنين اقض بينهما، وأرح أحدهما من الآخر، قال عمر: تيدكم، أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمون أن رسول الله ﷺ قال: (لا نورث، ما تركنا صدقة). يريد رسول الله ﷺ نفسه؟ قال الرهط: قد قال ذلك، فأقبل عمر على علي وعباس، فقال: أنشدكما الله، أتعلمان أن رسول الله ﷺ قد قال ذلك؟ قالا: قد قال ذلك، قال عمر: فإني أحدثكم عن هذا الأمر، إن الله قد خص رسوله ﷺ في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدا غيره، ثم قرأ: {وما أفاء الله على رسوله منهم – إلى قوله – قدير}. فكانت هذه خالصة لرسول الله ﷺ ، والله ما احتازها دونكم، ولا استأثر بها عليكم، قد أعطاكموها وبثها فيكم، حتى بقي منها هذا المال، فكان رسول الله ﷺ ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال، ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله،فعمل رسول الله ﷺ بذلك حياته، أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك؟ قالوا: نعم، ثم قال لعلي وعباس: أنشدكم بالله هل تعلمان ذلك؟ قال عمر: ثم توفي الله نبيه ﷺ ، فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله ﷺ ، فقبضها أبو بكر، فعمل فيها بما عمل رسول الله ﷺ ، والله يعلم: إنه فيها لصادق بار راشد تابع للحق، ثم توفي الله أبا بكر، فكنت أنا ولي أبي بكر، فقبضتها سنتين من إمارتي، أعمل فيها بما عمل رسول الله ﷺ وما عمل فيها أبو بكر، والله يعلم: إني فيها لصادق بارراشد تابع للحق، ثم جئتماني تكلماني، وكلمتكما واحدة وأمركما واحد، جئتني يا عباس تسألني نصيبك من ابن أخيك، وجاءني هذا – يريد عليا – يريد نصيب امرأته من أبيها، فقلت لكما: إن رسول الله ﷺ قال: (لا نورث، ما تركنا صدقة). فلما بدا لي أن أدفعه إليكما، قلت: إن شئتما دفعتهما إليكما، على أن عليكما عهد الله وميثاقه: لتعملان فيها بما عمل فيها رسول الله ﷺ ، وبما عمل فيها أبو بكر، وبما عملت فيها منذ وليتها، فقلتما: ادفعها إلينا، فبذلك دفعتها إليكما، فأنشدكم بالله هل دفعتها إليهما بذلك؟ قالالرهط: نعم، ثم أقبل على علي وعباس، فقال: أنشدكما بالله، هل دفعتها إليكما بذلك؟ قالا: نعم، قال: فتلتمسان مني قضاء غير ذلك، فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي غير ذلك، فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي، فإني أكفيكماها.


[ش أخرجه مسلم في الأشربة، باب: تحريم الخمور..، رقم: 1979. (اجتب) افتعل من الجب وهو القطع. (الذي لقيت) أثر ما أصابني من الحزن. (شرب) جمع شارب].

[ش أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: قول النبي ﷺ : لا نورث..، رقم: 1759. (أفاء الله) من الفيء وهو يأخذه المسلمون من عدوهم بدون قتال. (فهجرت) أي لازمت بيتها ولم تلتق به. (فدك) مكان بينه وبين المدينة مرحلتان. (صدقته) أملاكه التي صارت بعده صدقة موقوفة. (فدفعها) سلمها إليهما ليتصرفا فيها، وينتفعا منها بقدر حقهما، كما كان يتصرف النبي ﷺ ، لا على أنها ملك لهما. (تعروه) تنزل به وتنتابه. (نوائبه) جمع نائبة، وهي الحادثة التي تصيب الإنسان. (على ذلك) أي لم يغير حكمهما عما كان عليه زمن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما].

[ش (ذكرا) شيئا منه. (متع النهار) ارتفع وطال ارتفاعه، وذلك قبل الزوال. (رمال سرير) ما ينسج من ورق النخيل ليضطجع عليه. (أدم) جلد. (يا مال) مرخم يا مالك، والترخيم: حذف آخر الاسم تخفيفا. (برضخ) عطية قليلة غير مقدرة. (هل لك في عثمان..) هل لك إذن فيهم ورغبة في دخولهم. (تيدكم) اسم فعل بمعنى اصبروا واتئدوا. (أنشدكم) أسألكم. (هذا الأمر) هذه المسألة، وهي العمل في تركة رسول الله ﷺ . (قرأ) أي عمر رضي الله عنه، وتتمة الآية: {فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيءقدير} /الحشر: 6/. (أفاء) من الفيء وهو ما يغنمه المسلمون من أعدائهم بدون قتال. (أوجفتم) من الإيجاف وهو السير السريع. (ركاب) الإبل التي يركب عليها، أي فما حصلتموه بالقتال، ولكن الله تعالى سلط رسوله عليهم وهزمهم. (ما احتازها دونكم) ما جمعها واستأثر بها وحده،بل كان لكم منها نصيب. (استأثر) استبد وتخصص. (بثها فيكم) فرقها عليكم. (هذا المال) الذي هو نصيب رسول الله ﷺ . (ولي) وصيه الذي يتولى أموره من بعده. (بار) محسن صادق وفي، من البر وهو الإحسان. (فتلتمسان) تطلبان].