باب: ما جاء في قول الله تعالى: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه}

-3- 1 – باب: ما جاء في قول الله تعالى: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه} /الروم: 27/.

قال الربيع بن خثيم والحسن: كل عليه هين. وهين وهين مثل لين ولين، وميت وميت، وضيق وضيق.

{أفعيينا} /ق: 15/: أفأعيا علينا حين أنشأكم وأنشأ خلقكم. {لغوب} /فاطر: 35/ و/ق: 38/: النصب. {أطوارا} /نوح: 14/: طورا كذا وطورا كذا، عدا طوره أي قدره.

3018/3019 – حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان، عن جامع بن شداد، عن صفوان بن محرز، عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال:
جاء نفر من بني تميم إلى النبي ﷺ فقال: (يا بني تميم أبشروا). قالوا: بشرتنا فأعطنا، فتغير وجهه، فجاءه أهل اليمن، فقال: (يا أهل اليمن، اقبلوا البشرى إذ لم يقبلها بنو تميم). قالوا: قبلنا، فأخذ النبي ﷺ يحدث بدء الخلق والعرش، فجاء رجل فقال: يا عمران راحلتك تفلتت، ليتني لم أقم.
(3019) – حدثنا عمر بن حفص بن غياث: حدثنا أبي: حدثنا الأعمش: حدثنا جامع بن شداد، عن صفوان بن محرز: أنه حدثه عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال:

دخلت على النبي ﷺ وعقلت ناقتي بالباب، فأتاه ناس من بني تميم، فقال: (اقبلوا البشرى يا بني تميم). قالوا: قد بشرتنا فأعطنا، مرتين، ثم دخل عليه ناس من أهل اليمن، فقال: (اقبلوا البشرى يا أهل اليمن، إذ لم يقبلها بنو تميم). قالوا: قد قبلنا يا رسول الله، قالوا: جئناك نسألك عن هذا الأمر، قال: (كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السماوات والأرض). فنادى مناد: ذهبت ناقتك يا ابن الحصين، فانطلقت فإذا هي يقطع دونها السراب، فوالله لوددت أني كنت تركتها.

3020 – وروى عيسى، عن رقبة، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: سمعت عمر رضي الله عنه يقول:
قام فينا النبي ﷺ مقاما، فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم، حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه.

3021 – حدثني عبد الله بن أبي شيبة، عن أبي أحمد، عن سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال النبي ﷺ – أراه – : (قال الله تعالى: يشتمني ابن آدم، وما ينبغي له أن يشتمني، ويكذبني، وما ينبغي له. أما شتمه فقوله: إن لي ولدا، وأما تكذيبه فقوله: ليس يعيدني كما بدأني).
3022 – حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن القرشي، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله ﷺ : (لما قضى الله الخلق كتب في كتابه، فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت غضبي).


[ش (أهون) أسهل وأيسر، حسب تقدير الخلق، وإن كان الأمر مستويا في قدرة الخالق سبحانه وتعالى. (أفعيينا) من قوله تعالى: {أفعيينا بالخلق الأول} أي: هل تعبنا بخلق الناس أول مرة؟ (لغوب) أشد الإعياء وأقصى التعب، واللفظ في قوله تعالى: {ولا يمسنا فيها لغوب}. وقوله تعالى: {وما مسنا من لغوب}. (أطوارا) من قوله تعالى: {وقد خلقكم أطوارا}: أي حالا بعد حال في مراحل خلقكم وتكوينكم، أو: مختلفين في أحوالكم وطبائعكم].

[ش (أبشروا) من البشارة، وأراد بها: ما يجازى به المسلمون وما تصير إليه عاقبتهم من الفوز بالجنة، قال لهم ذلك بعد أن عرفوا أصول العقائد وما يجب عليهم فعله، وما يلزمهم تركه. (قالوا) من القائلين الأقرع بن حابس. (فأعطنا) أي من المال. (أهل اليمن) وهم الأشعريون قوم أبي موسى رضي الله عنهم. (تفلتت) تشردت. (لم أقم) من مجلس رسول الله ﷺ إذ فاتني سماع ما تحدث به عن بدء الخلق والعرش].

[ش (عقلت) من العقل وهو أن تثني وظيفه مع ذراعه فتشدهما جميعا في وسط الذراع بحبل، والوظيف من الحيوان ما فوق الرسغ إلى الساق. (هذا الأمر) أي الحاضر الوجود، قال العيني: وكأنهم سألوا عن أحوال هذا العالم. (عرشه) مخلوق لله تعالى، هو أعلم به سبحانه. (على الماء) أيلم يكن تحته إلا الماء. (الذكر) اللوح المحفوظ. (يقطع دونها السراب) يحول بيني وبينها السراب، وهو ما يرى نصف النهار كأنه ماء وليس هناك شيء].

[ش (عيسى) هو عيسى بن موسى البخاري، ولقبه غنجار، وليس له في البخاري إلا هذا الموضع. (رقبة) هو رقبة بن مصقلة. (حتى دخل..) أي أخبر عما وقع وما سيقع إلى أن يدخل].

[ش (أراه) أظنه قال هذا اللفظ. (يشتمني) من الشتم وهو الوصف بما يقتضي النقص].

[ش أخرجه مسلم في التوبة، باب: في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، رقم: 2751. (قضى) خلقه، وأحكمه، وأمضاه، وفرغ منه. (كتب في كتابه) أمر القلم أن يكتب في اللوح المحفوظ. (فهو عنده) أي الكتاب. (إن رحمتي غلبت غضبي) أي تعلق رحمتي سابق وغالب تعلق غضبي، أو المراد: إن رحمتي أكثر من غضبي، لأنها وسعت كل شيء. والمراد بالرحمة إرادة الثواب وبالغضب إرادة العقاب، أو المراد بهما لازمهما، فالمراد بالرحمة الثواب والإحسان، وبالغضب الانتقام والعقاب].