باب: مناقب عثمان بن عفان، أبي عمرو، القرشي رضي الله عنه

-3- 7 – باب: مناقب عثمان بن عفان، أبي عمرو، القرشي رضي الله عنه.

وقال النبي ﷺ : (من يحفر بئر رومة فله الجنة). فحفرها عثمان، وقال: (من جهز جيش العسرة فله الجنة). فجهزه عثمان.

3492 – حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد، عن أيوب، عن أبي عثمان، عن أبي موسى رضي الله عنه:

أن النبي ﷺ دخل حائطا وأمرني بحفظ باب الحائط، فجاء رجل يستأذن، فقال: (ائذن له وبشره بالجنة). فإذا أبو بكر، ثم جاء آخر يستأذن، فقال: (ائذن له وبشره بالجنة). فإذا عمر، ثم جاء آخر يستأذن، فسكت هنيهة ثم قال: (ائذن له وبشره بالجنة، على بلوى ستصيبه). فإذا عثمان بن عفان.

قال حماد: وحدثنا عاصم الأحول، وعلي بن الحكم، سمعا أبا عثمان يحدث، عن أبي موسى بنحوه، وزاد فيه عاصم: أن النبي ﷺ كان قاعدا في مكان فيه ماء، قد انكشف عن ركبتيه، أو ركبته، فلما دخل عثمان غطاها.

3493 – حدثني أحمد بن شبيب بن سعيد قال: حدثني أبي، عن يونس: قال ابن شهاب: أخبرني عروة: أن عبيد الله بن عدي بن الخيار أخبره: أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث قالا:

ما يمنعك أن تكلم عثمان لأخيه الوليد، فقد أكثر الناس فيه، فقصدت لعثمان حين خرج إلى الصلاة، قلت: إن لي إليك حاجة، وهي نصيحة لك، قال: يا أيها المرء منك – قال معمر: أراه قال: أعوذ بالله منك – فانصرفت، فرجعت إليهم إذ جاء رسول عثمان فأتيته، فقال: ما نصيحتك؟ فقلت: إن الله سبحانه بعث محمدا ﷺ بالحق، وأنزل عليه الكتاب، وكنت ممن استجاب لله ولرسوله ﷺ ، فهاجرت الهجرتين، وصحبت رسول الله ﷺ ، ورأيت هديه، وقد أكثر الناس في شأن الوليد. قال: أدركت رسول الله ﷺ ؟ قلت: لا، ولكن خلص إلي من علمه ما يخلص إلى العذراء في سترها، قال: أما بعد، فإن الله بعث محمدا ﷺ بالحق، فكنت ممن استجاب لله ولرسوله، وآمنت بما بعث به، وهاجرت الهجرتين كما قلت، وصحبت رسول الله ﷺ وبايعته، فوالله ما عصيته ولاغششته حتى توفاه الله عز وجل، ثم أبو بكر مثله، ثم عمر مثله، ثم استخلفت، أفليس لي من الحق مثل الذي لهم؟ قلت: بلى، قال: فما هذه الأحاديث التي تبلغني عنكم؟ أما ما ذكرت من شأن الوليد، فسنأخذ فيه بالحق إن شاء الله. ثم دعا عليا، فأمره أن يجلده، فجلده ثمانين.

 

3494 – حدثني محمد بن حاتم بن بزيغ: حدثنا شاذان: حدثنا عبد العزيز ابن أبي سلمة الماجشون، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:

كنا في زمن النبي ﷺ لا نعدل بأبي بكر أحدا، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي ﷺ لا نفاضل بينهم. تابعه عبد الله، عن عبد العزيز.

3495 – حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا أبو عوانة: حدثنا عثمان، هو ابن موهب، قال:

جاء رجل من أهل مصر وحج البيت، فرأى قوما جلوسا، فقال: من هؤلاء القوم؟ فقالوا: هؤلاء قريش، قال: فمن الشيخ فيهم؟ قالوا: عبد الله بن عمر، قال يا ابن عمر، إني سائلك عن شيء فحدثني، هل تعلم أن عثمان فر يوم أحد؟ قال: نعم. فقال: تعلم أنه تغيب عن بدر ولم يشهد؟ قال: نعم. قال: تعلم أنه تغيب عن بيعة الرضوان فلم يشهدها؟ قال: نعم. قال: الله أكبر. قال ابن عمر: تعال أبين لك، أما فراره يوم أحد، فأشهد أن الله عفا عنه وغفر له، وأما تغيبه عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله ﷺ وكانت مريضة، فقال له رسول الله ﷺ : (إن لك أجر رجل ممن شهد بدر وسهمه). وأما تغيبه عن بيعة الرضوان، فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه، فبعث رسول الله ﷺ عثمان، وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة، فقال رسول الله ﷺ بيده اليمنى: (هذه يد عثمان). فضرب بها على يده، فقال: (هذه لعثمان). فقال له ابن عمر: اذهب بها الآن معك.

3496 – حدثنا مسدد: حدثنا يحيى، عن سعيد، عن قتادة: أن أنسا رضي الله عنه حدثهم قال:

صعد النبي ﷺ أحدا، ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فرجف، فقال: (اسكن أحد – أظنه: ضربه برجله – فليس عليك إلا نبي، وصديق، وشهيدان).


[ش (هنيهة) زمنا قليلا، أصلها من الهنة، كناية عن الشيء من زمان أو غيره].

[ش (لأخيه الوليد) لأجله، وهو الوليد بن عقبة أخو عثمان رضي الله عنه لأمه، وكان عثمان ولاه الكوفة. (أكثر الناس فيه) أكثروا الكلام في حقه وسوء سيرته، فعزله عن ولايته. (قال معمر: أراه قال: أعوذ بالله منك) هذه الرواية المعلقة قد وصلها المصنف في هجرة الحبشة، ولفظها هناك: يا أيها المرء، أعوذ بالله منك.

(خلص) وصل وبلغ. (ما يخلص إلى العذراء) هي البكر، وأراد بهذا: أن علم النبي ﷺ لم يكن مكتوما ولا خاصا بأحد، بل كان شائعا، حتى وصل إلى العذراء المخدرة في بيتها، التي قلما يصل إليها شيء، فإذا وصل إليها فمن باب أولى أن يصل إليه مع حرصه عليه. (فجلده ثمانين) لأنه ثبت عنه أنه صلى بأهل الكوفة وهو سكران. قال الحافظ في الفتح: في رواية معمر: فجلد الوليد أربعين جلدة، وهذه الرواية أصح من رواية يونس، والوهم فيه من الراوي عنه شبيب بن سعيد. [وانظر صحيح مسلم: الحدود، حد الخمر، رقم: 1706]].

[ش (رجل) قيل: يزيد بن بشر السكسكي، وقيل: العلاء بن عرار. (عفا عنه) أي في جملة من عفا عنهم من المسلمين بقوله تعالى: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم} /آل عمران: 155/. (تولوا) هربوا. (الجمعان) النبي ﷺ وأصحابه، وقريش ومن معها، والمراد اللقاء يوم أحد. (استزلهم) وسوس لهم حتى أوقعهم في الخطيئة. (ببعض ما كسبوا) بسبب ما ارتكبوه من ذنوب سابقة، كتركهم أماكنهم. (أعز) أكثر عشيرة ومنعة. (ببطن مكة) في مكة. (اذهب بها الآن معك) أي اقرن هذا الجواب بما كان عندك، وحدث من شئت بذلك].