باب: حديث بني النضير، ومخرج رسول الله ﷺ إليهم في دية الرجلين، وما أرادوا من الغدر برسول الله ﷺ

-3- 11 – باب: حديث بني النضير، ومخرج رسول الله ﷺ إليهم في دية الرجلين، وما أرادوا من الغدر برسول الله ﷺ .

قال الزهري: عن عروة: كانت على رأس ستة أشهر من وقعة بدر قبل أحد. وقول الله تعالى: {هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا} /الحشر: 2/.

3804 – حدثنا إسحاق بن نصر: حدثنا عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:

حاربت النضير وقريظة، فأجلى بني النضير وأقر قريظة ومن علهيم، حتى حاربت قريظة، فقتل رجالهم، وقسم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين، إلا بعضهم لحقوا بالنبي ﷺ فآمنهم وأسلموا، وأجلى يهود المدينة كلهم: بني قينقاع وهم رهط عبد الله بن سلام، ويهود بني حارثة، وكل يهود المدينة.

3805 – حدثني الحسن بن مدرك: حدثنا يحيى بن حماد: أخبرنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس:

سورة الحشر، قال: قل سورة النضير.

تابعه هشيم، عن أبي بشر.

3806 – حدثنا عبد الله بن أبي الأسود: حدثنا معتمر، عن أبيه: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

كان الرجل يجعل للنبي ﷺ النخلات، حتى افتتح قريظة والنضير، فكان بعد ذلك يرد عليهم.

3807/3808 – حدثنا آدم: حدثنا الليث، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:

حرق رسول الله ﷺ نخل بني النضير وقطع، وهي البويرة، فنزلت: {ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله}.

3808 – حدثني سحق: أخبرنا حبان: أخبرنا جويرية بن أسماء، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما:

أن النبي ﷺ حرق نخل بن النضير، قال: ولها يقول حسان بن ثابت:

وهان على سراة بني لؤي – حريق بالبويرة مستطير

قال: فأجابه أبو سفيان بن الحارث:

أدام الله ذلك من صنيع – وحرق في نواحيها السعير ستعلم أينا منها بنزة – وتعلم أي أرضينا تضير

3809 – حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني مالك ابن أوس بن الحدثان النضري:

أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دعاه، إذ جاءه حاجبه يرفا فقال: هل لك في عثمان وعبد الرحمن والزبير وسعد يستأذنون؟ فقال: نعم فأدخلهم، فلبث قليلا ثم جاء فقال: هل لك في عباس وعلي يستأذنان؟ قال: نعم، فلما دخلا قال عباس: يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا، وهما يختصمان في الذي أفاء الله على رسوله ﷺ من بني النضير، فاستب علي وعباس، فقال الرهط: يا أمير المؤمنين اقض بينهما، وأرح أحدهما من الآخر، فقال عمر: اتئدوا أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمون أن رسول الله ﷺ قال: (لا نورث، ما تركنا صدقة). يريد بذلك نفسه؟ قالوا: قد قال ذلك، فأقبل عمر على عباس وعلي فقال: أنشدكما بالله، هل تعلمان أن رسول الله ﷺ قد قال ذلك؟ قالا: نعم، قال: فاني أحدثكم عن هذا الأمر، إن الله سبحانه كان خص رسوله ﷺ في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدا غيره، فقال جل ذكره: {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب – إلى قوله – قدير}. فكانت هذه خالصة لرسول الله ﷺ ، ثم والله ما احتازها دونكم، ولا استأثرها عليكم، لقد أعطاكموها وقسمها فيكم حتى بقي هذا المال منها، فكان رسول الله ﷺ ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال، ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله، فعمل ذلك رسول الله ﷺ حياته، ثم توفي النبي ﷺ ، فقال أبو بكر: فأنا ولي رسول الله ﷺ ، فقبضه أبو بكر فعمل فيه بما عمل به رسول الله ﷺ ، وأنتم حينئذ، فأقبل على علي وعباس وقال: تذكران أن أبا بكر فيه كما تقولان، والله يعلم: إنه فيه لصادق بار راشد تابع للحق؟ ثم توفي الله أبا بكر فقلت: أنا ولي رسول الله ﷺ وأبي بكر، فقبضته سنتين من إمارتي أعمل فيه بما عمل رسول الله ﷺ وأبو بكر، والله يعلم: أني فيه صادق بار راشد تابع للحق؟ ثم جئتماني كلاكما، وكلمتكما واحده وأمركما جميع، فجئتني – يعني عباسا – فقلت لكما: إن رسول الله ﷺ قال: (لا نورث، ما تركنا صدقة). فلما بدا لي أن أدفعه إليكما قلت: إن شئتما دفعته إليكما، على أن عليكما عهد الله وميثاقه: لتعملان فيه بما عمل فيه رسول الله ﷺ وأبو بكر وما عملت فيه مذ وليت، وإلا فلا تكلماني، فقلتما ادفعه إلينا بذلك، فدفعته إليكما، أفتلتمسان مني قضاء غير ذلك، فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، لا أقضي فيه بقضاء غير ذلكحتى تقوم الساعة، فإن عجزتما عنه فادفعاه إلى فأنا أكفيكماه.

قال: فحدثت بهذا الحديث عروة بن الزبير فقال: صدق مالك بن أوس: أنا سمعت عائشة رضي الله عنها، زوج النبي ﷺ تقول: أرسل أزواج النبي ﷺ عثمان إلى أبي بكر، يسألنه ثمنهن مما أفاء الله على رسوله ﷺ فكنت أنا أردهن، فقلت لهن: ألا تتقين الله، ألم تعلمن أن النبي ﷺ كان يقول: ( لا نورث، ما تركنا صدقة – يريد بذلك نفسه – إنما يأكل آل محمد صلى الله

عليه وسلم في هذا المال). فانتهى أزواج النبي ﷺ إلى ما أخبرتهن، قال: فكانت هذه الصدقة بيد علي، منعها علي عباسا فغلبه عليها، ثم كان بيد حسن بن علي، ثم بيد حسين بن علي، ثم بيد علي بن حسين، وحسن بن حسن، كلاهما كانا يتداولانها، ثم بيد زيد بن حسن، وهي صدقة رسول الله ﷺ حقا.

3810 – حدثنا إبراهيم بن موسى: أخبرنا هشام: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: أن فاطمة عليها السلام والعباس، أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما، أرضه من فدك، وسهمه من خيبر، فقال أبو بكر: سمعت النبي ﷺ يقول: ( لا نورث، ما تركنا صدقة، إنمايأكل آل محمد في هذا المال). والله لقرابة رسول الله ﷺ أحب الي أن أصل من قرابتي


[ش (أهل الكتاب) اليهود. (الحشر) الجلاء، وهو الخروج من البلاد لا رجعة بعده، وبنو النضير هم أول من أخرج من ديارهم. (بئر معونة) انظر باب (26) من المغازي].

[ش أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب إجلاء اليهود من الحجاز، رقم: 1766.

(حاربت) نقضت العهد وصارت محاربة. (النضير وقريظة) قبيلتان من قبائل اليهود. (من عليهم) أطلقهم ولم يأخذ منهم شيئا. (حتى حاربت) نقضت العهد وأثارت قريشا ضد المسلمين. (بعضهم) بعض رجال قريظة. (رهط) جماعة].

[ش (قل سورة النضير) لأنها نزلت في شأنهم، ولئلا يظن أن المراد حشر يوم القيامة].

[ش أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها، رقم: 1746.

(لينة) شجرة النخيل، وقيل مطلق شجرة. (أصولها) جذورها. (فبإذن الله) تركها وقطعها بمشيئة الله تعالى، أو المراد: هو الذي أباح لكم ذلك. /الحشر:5/].

[ش أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب، حكم الفيء، رقم 1757.

(فاستب..) ذكر كل منهما مساوئ الآخر. (أتئدوا) تأنوا. (تذكران أن أبا بكر فيه كما تقولان) هل تذكران أن أبا بكر رضي الله عنه قضى فيما ترك رسول الله ﷺ كما تطلبان، أي من قسمته بين ورثته كالميراث. أم قضى فيه كما أقول؟.. (يسألنه ثمنهن مما أقاء الله) يطلبن منه أن يعطيهن مما ترك رسول الله ﷺ كميراث، وهو الثمن مما ترك. (هذه الصدقة) أي ما تركه رسول الله ﷺ . (فغلبه عليها) بالتصرف فيها وتحصيل غلاتها، لا بتخصيص الحاصل بنفسه. (يتداولانها) يتناوبان في التصرف بها].