-3- 53 – باب: غزوة الطائف.
في شوال سنة ثمان، قاله موسى بن عقبة.
4069 – حدثنا الحميدي: سمع سفيان: حدثنا هشام، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أمها سلمة رضي الله عنها:
دخل النبي ﷺ وعندي مخنث، فسمعه يقول لعبد الله بن أمية: يا عبد الله، أرأيت إن فتح الله عليكم الطائف غدا، فعليك بابنة غبلان، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، وقال النبي ﷺ : (لا يدخلن هؤلاء عليكن).
قال ابن عيينة، وقال ابن جريج: المخنث: هيت. حدثنا محمود: حدثنا أبو أسامة، عن هشام: بهذا، وزاد: وهو محاضر الطائف يومئذ.
4070 – حدثنا علي بن عبد الله: حدثنا سفيان، عن عمرو، عن أبي العباس الشاعر الأعمى، عن عبد الله بن عمر قال:
لما حاصر رسول الله ﷺ الطائف، فلم ينل منهم شيئا، قال: (إنا قافلون إن شاء الله). فثقل عليهم، وقالوا: نذهب ولا نفتحه، وقال مرة: (نقفل). فقال: (اغدوا على القتال). فغدوا فأصابهم جراح، فقال: (إنا قافلون غدا إن شاء الله). فأعجبهم، فضحك النبي ﷺ . وقال سفيان مرة: فتبسم. قال: الحميدي: حدثنا سفيان الخبر كله.
4071/4072 – حدثنا محمد بن بشار: حدثنا غندر: حدثنا شعبة، عن عاصم قال: سمعت أبا عثمان قال: سمعت سعدا، وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله، وأبا بكرة، وكان تسور حصن الطائف في أناس فجاء النبي ﷺ ، فقالا:
سمعنا النبي ﷺ يقول: (من ادعى إلى غير أبيه، وهو يعلم، فالجنة عليه حرام).
(4072) – وقال هشام: وأخبرنا معمر، عن عاصم، عن أبي العالية، أو أبي عثمان النهدي قال: سمعت سعدا وأبا بكرة، عن النبي ﷺ . قال عاصم: قلت: لقد شهد عندك رجلان حسبك بهما، قال: أجل، أما أحدهما فأول من رمى بسهم في سبيل الله، وأما الآخر فنزل إلى النبي ﷺ ثالث ثلاثة وعشرين من الطائف.
4073 – حدثنا محمد بن العلاء: حدثنا أبو أسامة، عن بريد بن عبد الله، عن أبي بردة، عن أبي موسى رضي الله عنه قال:
كنت عند النبي ﷺ وهو نازل بالجعرانة بين مكة والمدينة، ومعه بلاب، فأتى النبي ﷺ أعرابي فقال: ألا تنجز لي ما وعدتني؟ فقال له: (أبشر). فقال: قد أكثرت علي من أبشر، فأقبل على أبي موسى وبلال كهيئة الغضبان، فقال: (رد البشرى، فاقبلا أنتما). قالا: قبلنا، ثم دعا بقدح فيه ماء، فغسل يديه ووجهه فيه ومج فيه، ثم قال: (اشربا منه، وأقرغا على وجوهكما ونحوركما وأبشرا). فأخذا القدح ففعلا، فنادت أم سلمة من وراء ستار: أن أفضلا لأمكما، فأفضلا لها منه طائفة.
4074 – حدثنا يعقوب بن إبراهيم: حدثنا إسماعيل: حدثنا ابن جريج قال: أخبرني عطاء: أن صفوان بن يعلى بن أمية أخبره: أن يعلى كان يقول:
ليتني أرى رسول الله ﷺ حين ينزل عليه، فقال فبينا النبي ﷺ بالجعرانة، وعليه ثوب قد أظل به، معه ناس من أصحابه، إذ جاءه أعرابي عليه جبة، متضمخ بطيب، فقال: يا رسول الله، كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جبة بعد ما تضمخ بالطيب؟ فأشار عمر إلى يعلى بيده: أن تعال، فجاء يعلى فأدخل رأسه، فإذا النبي ﷺ محمر الوجه، يغط كذلك ساعة، ثم سري عنه، فقال: (أين الذي يسألني عن العمرة آنفا). فالتمس الرجل فأتي به، فقال: (أما الطيب الذي بك فأغسله ثلاث مرات، وأما الجبة فانزعها، ثم اصنع في عمرتك كما تصنع في حجك).
4075 – حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا وهيب: حدثناعمرو بن يحيى، عن عباد بن تميم، عن عبد الله بن زيد بن عاصم قال:
لما أفاء الله على رسوله ﷺ يوم حنين، قسم في الناس في المؤلفة قلوبهم، ولم يعط الأنصار شيئا، فكأنهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس، فخطبهم فقال: (يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي، وكنتم متفرقين فألفكم الله بي، وكنتم عالة فأغناكم الله بي). كلما قال شيئا قالوا: الله ورسوله أمن، قال: (ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله ﷺ ). قال: كلما قال شيئا قالوا الله ورسوله أمن، قال: (لو شئتم قلتم: جئتنا كذا وكذا، أترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وتذهبون بالنبي ﷺ إلى رحالكم، لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار، ولو سلك الناس واديا وشعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والناس دثار، إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض).
4076/4079 – حدثني عبد الله بن محمد، حدثنا هشام: أخبرنا معمر، عن الزهري قال: أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
قال ناس من الأنصار، حين أفاء الله على رسوله ﷺ ما أفاء الله من أموال هوازن، فطفق النبي ﷺ يعطي رجالا المائة من الإبل، فقالوا: يغفر الله لرسول الله ﷺ يعطي قريشا ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم. قال أنس: فحدث رسول الله ﷺ بمقالتهم، فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم، ولم يدع معهم غيرهم، فلما اجتمعوا قام النبي ﷺ فقال: (ما حديث بلغني عنكم). فقال فقهاء الأنصار: أما رؤساؤنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئا، وأما ناس منا حديثة أسنانهم فقالوا: يغفر الله لرسول الله ﷺ يعطي قريشا ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم. فقال النبي ﷺ : (فإني أعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألفهم، أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال، وتذهبون بالنبي ﷺ إلى رحالكم، فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به). قالوا: يا رسول الله قد رضينا، فقال لهم النبي ﷺ : (ستجدون أثرة شديدة، فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله – ﷺ – فإني على الحوض). قال أنس: فلم يصبروا.
(4077) – حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا شعبة، عن أبي التياح، عن أنس قال:
لما كان يوم فتح مكة قسم رسول الله ﷺ غنائم بين قريش، فغضبت الأنصار، قال النبي ﷺ : (أما ترضون أن يذهب الناس بالدنيا، وتذهبون برسول الله – ﷺ – ) قالوا: بلى، قال: (لو سلك الناس واديا أو شعبا، لسلكت وادي الأنصار أو شعبهم).
(4078) – حدثنا علي بن عبد الله: حدثنا أزهر، عن ابن عون: أنبأنا هشام بن زيد بن أنس، عن أنس رضي الله عنه قال:
لما كان يوم حنين، التقى هوازن ومع النبي ﷺ عشرة آلاف، والطلقاء، فأدبروا، قال: (يا معشر الأنصار). قالوا: (لبيك يا رسول الله وسعديك، لبيك نحن بين يديك، فنزل النبي ﷺ فقال: (أنا عبد الله ورسوله). فانهزم المشركون، فأعطى الطلقاء والمهاجرين، ولم يعط لأنصار شيئا، فقالوا، فدعاهم فأدخلهم في قبة، فقال (أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وتذهبون برسول الله ﷺ ). فقال النبي ﷺ : (لو سلك الناس واديا، وسلكت الأنصار شعبا، لاخترت شعب الأنصار).
(4079) – حدثني محمد بن بشار: حدثنا غندر: حدثنا شعبة قال: سمعت قتادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جمع النبي ﷺ ناسا من الأنصار فقال: (إن قريشا حديث عهد بجاهلية ومصيبة، وإني أردت أن أجبرهم وأتألفهم، أما ترضون أن يرجع الناس بالدنيا وترجعون برسول الله ﷺ إلى بيوتكم). قالوا: بلى، قال: (لو سلك الناس واديا، وسلكت الأنصار شعبا، لسلكت وادي الأنصار، أو شعب الأنصار).
4080/4081 – حدثنا قبيضة: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله قال:
لما قسم النبي ﷺ قسمة حنين، قال رجل من الأنصار: ما أراد بها وجه الله، فأتيت النبي ﷺ فأخبرته، فتغير وجهه ثم قال: (رحمة الله على موسى، لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر).
(4081) – حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد الله رضي الله عنه قال:
لما كان يوم حنين آثر النبي ﷺ ناسا، أعطى الأقرع مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى ناسا، فقال رجل: ما أريد بهذه القسمة وجه الله، فقلت: لأخبرن النبي ﷺ ، قال: (رحم الله موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر).
4082 – حدثنا محمد بن بشار: حدثنا معاذ بن معاذ: حدثنا ابن عون، عن هشام بن زيد بن أنس بن مالك، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
لما كان يوم حنين، أقبلت هوازن وغطفان وغيرهم بنعمهم وذراريهم، ومع النبي ﷺ عشرة الآف، ومن الطلقاء، فأدبروا عنه حتى بقي وحده، فنادى يومئذ نداءين لم يخلط بينهما، التفت عن يمينة فقال: (يا معشر الأنصار). قالوا: لبيك يا رسول الله أبشر نحن معك، ثم التفت عن يساره فقال: (يا معشر الأنصار). قالوا: لبيك يا رسول الله أبشر نحن معك، وهو على بغلة بيضاء فنزل فقال: (أنا عبد الله ورسوله). فانهزم المشركون، فأصاب يومئذ غنائم كثيرة، فقسم في المهاجرين والطلقاء ولم يعط الأنصار شيئا، فقالت الأنصار: إذا كانت شديدة فنحن ندعى، ويعطى الغنيمة غيرنا. فبلغه ذلك فجمعهم في قبة فقال: (يا معشر الأنصار، ما حديث بلغني عنكم). فسكتوا، فقال: (يا معشر الأنصار، ألا ترضون أن يذهب الناس بالدنيا، وتذهبون برسول الله – ﷺ – تحوزونه إلى بيوتكم). قالوا: بلى، فقال النبي ﷺ : (لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار شعبا لأخذت شعب الأنصار). فقال هشام: يا أبا حمزة، وأنت شاهد ذاك؟ قال: وأين أغيب عنه.
[ش أخرجه مسلم في السلام، باب: منع المخنث من الدخول على النساء الأجانب، رقم: 2180.
(مخنث) الذي خلقه خلق النساء، ويشبههن في كلامه وحركاته، وتارة يكون هذا خلقه، وتارة يكون بتكلف، وسمي به لتكسر كلامه ولينه، يقال: خنثت الشيء فتخنث، أي عطفته فتعطف. (تقبل بأربع) وهي عكن البطن، أي تجاعيده، فترى منها عند إقبالها أربعا. (وتدبر بثمان) هي أطراف العكن الأربع، ترى منها وهي مدبرة ثمانية. (هيت) اسم المخنث المذكور، وكان مولى عبد الله بن أمية، رضي الله عنه، المذكور معه].
[ش أخرجه مسلم في الجهاد والسير، باب: غزوة الطائف، رقم: 1778.
(فلم ينل) فلم يصب فتحا أوغيره. (قافلون) راجعون. (فثقل عليهم) اشتد
عليهم الرجوع دون فتح. (الخبر كله) أي أخبرنا سفيان بجميع الحديث بلفظ أخبرنا].
[ش (تسور) تسلق. (في أناس) في جملة عبيد من أهل الطائف. (ادعى) انتسب].
[ش (حسبك بهما) كافيك بهذين الاثنين في الشهادة. (أجل) حرف جواب كنعم، يكون تصديقا للمخبر، واعلانا للمستخبر، ووعدا للطالب].
[ش أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: من فضائل أصحاب الشجرة..، رقم: 2497.
(تنجز لي) توفي لي ما وعدتني. (نحوركما) مثنى نحر، وهو العنق. (لأمكما) وصفها بذلك لأنها زوجة النبي ﷺ ، وزوجاته ﷺ أمهات المؤمنين، أي كأمهاتهم من حيث الاحترام والتقدير وحرمة التزوج بهن. (طائفة) بقية].
[ش أخرجه مسلم في الزكاة، باب: أعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام…، رقم 1061.
(أفاء) أعطاه الغنائم، وأصل الفيئ الرجوع، فكأن الأموال في الأصل للمسلمين، فغلب عليها الكفار، ثم رجعت إليهم. (وجدوا) حزنوا. (ما أصاب الناس) لم ينلهم ما نال الناس من العطاء. (عالة) جمع عائل وهو الفقير. (أمن) من المن، وهو الفضل. (كذا وكذا) كناية عما يقال. (شعار) هو الثوب الذي يلي الجلد من البدن. (دثار) هو الثوب الذي يكون فوق الشعار. (أثرة) ينفرد بالمال المشترك ونحوه دونكم، ويفضل عليكم بذلك غيركم. (الحوض) الذي هو لي في الجنة].
[ش (الطلقاء) جمع طليق، وهو الأسير الذي خلي سبيله، والمراد أهل مكة الذين أطلقهم يوم فتحها. (لبيك.. وسعديك) لزوما لطاعتك وإجابة بعد إجابة لأمرك، وسعيا في إسعادك إسعادا بعد إسعاد. (فقالوا) تكلموا في منع العطاء عنهم].
[ش (مصيبة) من نحو قتل أقاربهم وفتح بلادهم. (أجبرهم) أصلح حالهم، وأعطف عليهم، وأعوضهم بعض ما فقدوه].
[ش (بنعمهم) ما عندهم من غنم وإابل ونحوها. (ذراريهم) أهليهم وأولادهم، ليحثوهم على الثبات. (شديدة) قضية ذات شدة كالحرب. (تحوزونه) يكون لكم وفي جماعتكم، من حازه إذا قبضه].