-3- 300 – باب: تفسير سورة المؤمن (غافر).
قال مجاهد: {حم} /1/: مجازها مجاز أوائل السور، ويقال: بل هو اسم، لقول شريح بن أبي أوفى العبسي:يذكرني حاميم والرمح شاجر – فهلا تلا حاميم قبل التقدم
{الطول} /3/: التفضل. {داخرين} /87/: خاضعين. وقال مجاهد: {إلى النجاة} /41/: الإيمان. {ليس له دعوة} /43/: يعني الوثن. {يسجرون} /72/: توقد بهم النار. {تمرحون} /75/: تبطرون.
وكان العلاء بن زياد يذكر النار، فقال رجل: لم تقنط الناس؟ قال: وأنا أقدر أن أقنط الناس، والله عز وجل يقول: {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} /الزمر: 53/. ويقول: {وأن المسرفين هم أصحاب النار} /43/؟ ولكنكم تحبون أن تبشروا بالجنة على مساوئ أعمالكم، وإنما بعث الله محمدا ﷺ مبشرا بالجنة لمن أطاعه، ومنذرا بالنار من عصاه.
4537 – حدثنا علي بن عبد الله: حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا الأوزاعي قال: حدثني يحيى بن أبي كثير قال: حدثني محمد بن إبراهيم التيمي قال: حدثني عروة بن الزبير قال:
قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص: أخبرني بأشد ما صنع المشركون برسول الله ﷺ ، قال: بينا رسول الله ﷺ يصلي بفناء الكعبة، إذ أقبل عقبة بن أبي معيط، فأخذ بمنكب رسول الله ﷺ ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه خنقا شديدا، فأقبل أبو بكر، فأخذ بمنكبه ودفع عن رسول الله ﷺ ، وقال: {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم}.
[ش (مجازها..) أي طريق تفسيرها هو طريق تفسير غيرها من الحروف المقطعة أوائل السور، وهو: أنها للتنبيه على أن هذا القرآن من جنس هذه الحروف، فمن ادعى أنه من قول البشر فليأت بسورة من مثله. (لقول شريح..) هو ابن أوفى العبسي، وكان شعار أصحاب علي رضي الله عنه يومئذ:حم، وقد طعن شريح يومها محمد بن طلحة بن عبيد الله – رضي الله عنه – فقال بعد ما طعنه: حم، فقال شريح هذا البيت… أي ما قال الشعار إلا بعد ما اختلط الرمح واشتبك بلحمه، فلو قال هذا قبل أن يتقدم لمقاتلتي أو لحرب علي رضي الله عنه. والشاهد في البيت: أن لفظ (حم) وقع منصوبا على المفعولية في موضعين، فدل على أنه اسم، والذين قالوا باسميته اختلفوا بمسماه، والله تعالى أعلم. (النجاة) السلامة من النار بسبب الإيمان. (ليس له دعوة) إن الأصنام التي تعبدونها لم تدعكم إلى عبادتها، ومن حق المعبود بحق أن يدعو الخلق إلى عبادته وطاعته. وكذلك هذه الأصنام لا تستجيب دعاء من دعاها وعبدها، ومن حق المعبود بحق أن يجيب دعاء من دعاه. (الوثن) الصنم. (تبطرون) تتكبرون عن الحق، ويأخذكم العجب والخيلاء. (يذكر النار) أي يذكر ما فيها من ألوان العذاب، وما يوصل إليها من سوء الأعمال. (تقنط الناس) توقعهم في اليأس الشديد من رحمة الله تعالى بسبب ما تذكر من الترهيب. (والله عز وجل يقول..) أي والله عز وجل بين: أن باب المغفرة والرحمة مفتوح لمن آمن وعمل صالحا ثم اهتدى، وأن من أصر على كفره ومعصيته مآله إلى النار. أي: فأنا أبلغ الناس ما جاء عن الله عز وجل، والله تعالى أعلم. (أسرفوا..) أفرطوا في المعاصي فجنوا على أنفسهم وأرهقوها بالأوزار، وكذلك معنى المسرفين، وقد يراد بهم المشركون والكافرون].
[ش (بفناء الكعبة) الساحة المتسعة إلى جانبها. (لوى ثوبه) فتله وثناه.
(بالبينات) المعجزات الظاهرات والدلائل الواضحات /المؤمن: 28/. وأبو بكر رضي الله عنه يتمثل بقوله ما ذكره القرآن عن لسان مؤمن آل فرعون].