-3-68 – باب: التبسم والضحك.
وقالت فاطمة عليها السلام: أسر إلي النبي ﷺ فضحكت.
وقال ابن عباس: إن الله هو أضحك وأبكى.
5734 – حدثنا حبان بن موسى: أخبرنا عبد الله: أحبرنا معمر، عن الزُهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها:
أن رفاعة القرظي طلق امرأته فبت طلاقها، فتزوجها بعده عبد الرحمن بن الزبير، فجاءت النبي ﷺ فقالت: يا رسول الله، إنها كانت عند رفاعة فطلقها آخر ثلاث تطليقات، فتزوجها بعده عبد الرحمن بن الزبير، وإنه والله ما معه يا رسول الله إلا مثل هذه الهدبة، لهدبة أخذتها من جلبابها، قال: وأبو بكر جالس عند النبي ﷺ ، وابن سعيد بن العاص جالس بباب الحجرة ليؤذن له، فطفق خالد ينادي أبا بكر: يا أبا بكر، ألا تزجر هذه عما تجهر به عند رسول الله ﷺ ، وما يزيد رسول الله ﷺ على التبسم، ثم قال: (لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك).
5735 – حدثنا إسماعيل: حدثنا إبراهيم، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، عن محمد بن سعد، عن أبيه قال:
استأذن عمر بن الخطاب رضي الله عنه على رسول الله ﷺ ، وعنده نسوة من قريش يسألنه ويستكثرنه، عالية أصواتهن على صوته، فلما استأذن عمر تبادرن الحجاب، فأذن له النبي ﷺ فدخل والنبي ﷺ يضحك، فقال: أضحك الله سنك يا رسول الله بأبي أنت وأمي؟ فقال: (عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي، لما سمعن صوتك تبادرن الحجاب). فقال: أنت أحق أن يهبن يا رسول الله، ثم أقبل عليهن فقال: يا عدوات أنفسهن، أتهبنني ولم تهبن رسول الله ﷺ ؟ فقلن: إنك أفظ وأغلظ من رسول الله ﷺ ، قال رسول الله ﷺ : (إيه يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك).
5736 – حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا سفيان، عن عمرو، عن أبي العباس، عن عبد الله بن عمر قال:
لما كان رسول الله ﷺ بالطائف قال: (إنا قافلون غداً إن شاء الله). فقال ناس من أصحاب رسول الله ﷺ : لا نبرح أو نفتحها، فقال النبي ﷺ : (فاغدوا على القتال). قال: فغدوا فقاتلوهم قتالاً شديداً، وكثر فيهم الجراحات،فقال رسول الله ﷺ : (إنا قافلون غداً إن شاء الله). قال: فسكتوا، فضحك رسول الله ﷺ .
قال الحُمَيدي: حدثنا سفيان: بالخبر كله.
5737 – حدثنا موسى: حدثنا إبراهيم: حدثنا ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن: أن أبا هريرة رضي الله عنه قال:
أتى رجل النبي ﷺ فقال: هلكت، وقعت على أهلي في رمضان، قال: (أعتق رقبة). قال: ليس لي، قال: (فصم شهرين متتابعين). قال: لا أستطيع، قال: (فأطعم ستين مسكيناً). قال: لا أجد، فأتي بعرق فيه تمر – قال إبراهيم: العرق المكتل – فقال: (أين السائل، تصدقبها). قال: على أفقر مني، والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا، فضحك النبي ﷺ حتى بدت نواجذه، قال: (فأنتم إذاً).
5738 – حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي: حدثنا مالك، عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك قال:
كنت أمشي مع رسول الله ﷺ وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذ بردائه جبذة شديدة، قال أنس: فنظرت إلى صفحة عاتق النبي ﷺ وقد أثرت فيها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك، ثم أمر له بعطاء.
5739 – حدثنا ابن نمير: حدثنا ابن إدريس، عن إسماعيل، عن قيس، عن جرير قال:
ما حجبني النبي ﷺ منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم في وجهي، ولقد شكوت إليه أني لا أثبت على الخيل، فضرب بيده في صدري وقال: (اللهم ثبته، واجعله هادياً مهدياً).
5740 – حدثنا محمد بن المثنَّى: حدثنا يحيى، عن هشام قال: أخبرني أبي، عن زينب بنت أم سلمة، عن أم سلمة: أن أم سليم قالت:
يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق، هل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ قال: (نعم، إذا رأت الماء). فضحكت أم سلمة، فقالت: أتحتلم المرأة؟ فقال النبي ﷺ : (فبم شبه الولد).
5741 – حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني ابن وهب: أخبرنا عمرو: أن أبا النضر حدثه، عن سليمان بن يسار، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
ما رأيت النبي ﷺ مستجمعا قط ضاحكاً حتى أرى منه لهواته، إنما كان يتبسم.
5742 – حدثنا محمد بن محبوب: حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن أنس. وقال لي خليفة: حدثنا يزيد بن زريع: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه:
أن رجلاً جاء إلى النبي ﷺ يوم الجمعة وهو يخطب بالمدينة، فقال: قحط المطر، فاستسق ربك. فنظر إلى السماء وما نرى من سحاب، فاستسقى، فنشأ السحاب بعضه إلى بعض، ثم مطروا حتى سالت مثاعب المدينة، فما زالت إلى الجمعة المقبلة ما تقلع، ثم قام ذلك الرجل أو غيره، والنبي ﷺ يخطب، فقال: غرقنا، فادع ربك يحبسها عنا، فضحك ثم قال: (اللهم حوالينا ولا علينا). مرتين أو ثلاثاً، فجعل السحاب يتصدع عن المدينة يميناً وشمالاً، يمطر ما حوالينا ولا يمطر منها شيء، يريهم الله كرامة نبيه ﷺ وإجابة دعوته.
[ش (فقلن: إنك أفظ وأغلظ من رسول الله ﷺ ) وهو يقتضي الشركة في أصل الفعل، ويعارضه قوله تعالى: {ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك} /آل عمران: 159/: فإنه يقتضي أنه لم يكن فظاً ولا غليظاً، والجواب: أن النبي ﷺ كان لا يواجه أحداً بما يكره، إلا في حق من حقوق الله، وكان عمر رضي الله عنه يبالغ في الزجر عن المكروهات مطلقاً وطلب المندوبات، فلهذا قال له النسوة ذلك].
[ش (لا نبرح أو نفتحها) لا نفارق مكاننا حتى نفتحها].
[ش (بدت) ظهرت. (نواجذه) أواخر أسنانه، وهذا دليل شدة الضحك].
[ش (مثاعب) جمع مثعب، وهو مجرى الماء، والميزاب. (ما تقلع) لا تمسك عن المطر، ولا ينكشف السحاب، ولا تنجلي السماء].