-3-13 – باب: المكثرون هم المقلون.
وقوله تعالى: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوَفِّ إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون. أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون} /هود: 15 – 16/.
6078 – حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا جرير، عن عبد العزيز بن رُفيع، عن زيد بن وهب، عن أبي ذر رضي الله عنه قال:
خرجت ليلة من الليالي، فإذا رسول الله ﷺ يمشي وحده، وليس معه إنسان، قال: فظننت أنه يكره أن يمشي معه أحد، قال: فجعلت أمشي في ظل القمر، فالتفت فرآني، فقال: (من هذا). قلت: أبو ذر، جعلني الله فداءك، قال: (يا أبا ذر تعال). قال: فمشيت معه ساعة، فقال: (إن المكثرين هم المقلون يوم القيامة، إلا من أعطاه الله خيراً، فنفح فيه يمينه وشماله وبين يديه ووراءه، وعمل فيه خيراً). قال: فمشيت معه ساعة، فقال لي: (اجلس ها هنا). قال: فأجلسني في قاع حوله حجارة، فقال لي: (اجلس ها هنا حتى أرجع إليك). قال: فانطلق في الحرة حتى لا أراه، فلبث عني فأطال اللبث، ثم إني سمعته وهو مقبل وهو يقول: (وإن سرق، وإن زنى). قال: فلما جاء لم أصبر حتى قلت: يا نبي الله جعلني الله فداءك، من تكلم في جانب الحرة، ما سمعت أحداً يرجع إليك شيئا؟ قال: (ذلك جبريل عليه السلام، عرض لي في جانب الحرة،قال: بشر أمتك أنه من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، قلت: يا جبريل، وإن سرق، وإن زنى؟ قال: نعم). قال: قلت: وإن سرق، وإن زنى؟ قال: (نعم، وإن شرب الخمر).
قال النضر: أخبرنا شُعبة، وحدثنا حبيب بن أبي ثابت، والأعمش، وعبد العزيز بن رفيع: حدثنا زيد بن وهب: بهذا.
قال أبو عبد الله: حديث أبي صالح، عن أبي الدرداء، مرسل لا يصح، إنما أردنا للمعرفة، والصحيح حديث أبي ذر.
قيل لأبي عبد الله: حديث عطاء بن يسار، عن أبي الدرداء؟ قال: مرسل أيضا لا يصح، والصحيح حديث أبي ذر، وقال: اضربوا على حديث أبي الدرداء هذا: إذا مات قال: لا إله إلا الله، عند الموت.
[ش (من كان..) هي عامة فيمن لا يؤمن بالآخرة من الكفار. وفيمن يرائي بعمله من المسلمين، ويقصد الثناء والسمعة في الدنيا. (نوَفِّ..) نوصل إليهم جزاءً كاملاً وافياً لما حصل منهم من أعمال الخير والبر، التي يجازى عليها المؤمنون الصادقون المخلصون في الآخرة. (فيها) في الدنيا. (لا يبخسون) لا ينقصون شيئاً مما يستحقونه من الأجر. (حبط) بطل، ولم يترتب عليه ثواب في الآخرة. (باطل..) لأنه لم يتوفر فيه شرط الصحة والاعتبار الشرعي وهو الإخلاص لله تعالى].
[ش (قاع) أرض سهلة ليس فيها جبال. (فلبث عني) أقام غائباً عني. (أردنا للمعرفة) أوردناه لنعرف قد روي عنه، لا لأنه يحتج به. (اضربوا..) اتركوه ولا تلتفتوا إليه. (هذا) الذي فيه أن قوله: من مات لا يشرك.. في حق من قال لا إله إلا الله عند الموت].