-3-17 – باب: كيف كان عيش النبي ﷺ وأصحابه، وتخليهم من الدنيا.
6087 – حدثني أبو نعيم بنحو من نصف هذا الحديث: حدثنا عمر بن ذر: حدثنا مجاهد: أن أبا هريرة كان يقول:
آلله الذي لا إله إلا هو، إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت يوماً على طريقهم الذي يخرجون منه، فمر أبو بكر، فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا ليشبعني، فمر ولم يفعل، ثم مر بي عمر، فسألته عن آية منكتاب الله، ما سألته إلا ليشبعني، فمر ولم يفعل، ثم مر بي أبو القاسم ﷺ ، فتبسم حين رآني، وعرف ما في نفسي وما في وجهي، ثم قال: (يا أبا هر). قلت: لبيك يا رسول الله، قال: (الحق). ومضى فاتَّبعته، فدخل، فأستأذن، فأذن لي، فدخل، فوجد لبناً في قدح، فقال: (من أين هذا اللبن). قالوا: أهداه لك فلان أو فلانة، قال: (أبا هر). قلت: لبيك يا رسول الله، قال: (الحق إلى أهل الصفة فادعهم لي). قال: وأهل الصفة أضياف الإسلام، لا يأوون على أهل ولا مال ولا على أحد، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئاً، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها، فساءني ذلك، فقلت: وما هذا اللبن في أهل الصفة، كنت أحق أنا أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها، فإذا جاء أمرني، فكنت أنا أعطيهم، وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن، ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله ﷺ بد، فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا، فاستأذنوا فأذن لهم، وأخذوا مجالسهم من البيت، قال: (يا أبا هر). قلت: لبيك يا رسول الله، قال: (خذ فأعطهم). قال: فأخذت القدح، فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح، فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح، حتى انتهيت إلى النبي ﷺ وقد روي القوم كلهم، فأخذ القدح فوضعه على يده، فنظر إليَّ فتبسم، فقال: ( أبا هر). قلت: لبيك يا رسول الله، قال: (بقيت أنا وأنت). قلت: صدقت يا رسول الله، قال: (اقعد فاشرب). فقعدت فشربت، فقال: (اشرب). فشربت، فما زال يقول: (اشرب). حتى قلت: لا والذي بعثك بالحق، ما أجد له مسلكاً، قال: (فأرني). فأعطيته القدح، فحمد الله وسمى وشرب الفضلة.
6088 – حدثنا مسدَّد: حدثنا يحيى، عن إسماعيل: حدثنا قيس قال: سمعت سعداً يقول:
إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله، ورأيتنا نغزو وما لنا طعام إلا ورق الحبلة، وهذا السَّمُرُ، وإن أحدنا ليضع كما تضع الشاة، ما له خلط، ثم أصبحت بنو أسد تعزِّرني على الإسلام، خبت إذاً وضل سعيي.
6089 – حدثنا عثمان: حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت:
ما شبع آل محمد ﷺ منذ قدم المدينة، من طعام بر ثلاث ليال تباعاً، حتى قبض.
6090 – حدثني إسحق بن إبراهيم بن عبد الرحمن: حدثنا إسحق، هو الأزرق، عن مسعر بن كدام، عن هلال، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
ما أكل آل محمد ﷺ أكلتين في يوم إلا إحداهما تمر.
6091 – حدثني أحمد بن رجاء: حدثنا النضر، عن هشام قال: أخبرني أبي، عن عائشة قالت:
كان فراش رسول الله ﷺ من أدم، وحشوه من ليف.
6092 – حدثنا هدبة بن خالد: حدثنا همَّام بن يحيى: حدثنا قتادة قال:
كنا نأتي أنس بن مالك وخبَّازه قائم، وقال: كلوا، فما أعلم النبي ﷺ رأى رغيفاً مرققا حتى لحق بالله، ولا رأى شاة سميطاً بعينه قط.
6093/6094 – حدثنا محمد بن المثنى: حدثنا يحيى: حدثنا هشام: أخبرني أبي، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان يأتي علينا الشهر ما نوقد فيه ناراً، إنما هو التمر والماء، إلا أن نؤتى باللُّحَيم.
(6094) – حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي: حدثني ابن أبي حازم، عن أبيه، عن يزيد بن رومان، عن عروة، عن عائشة: أنها قالت لعروة: ابن أختي،
إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله ﷺ نار، فقلت: ما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان التمر والماء، إلا أنه قد كان لرسول الله ﷺ جيران من الأنصار، كان لهم منائح، وكانوا يمنحون رسول الله ﷺ من أبياتهم فيسقيناه.
6095 – حدثنا عبد الله بن محمد: حدثنا محمد بن فضيل: عن أبيه، عن عمارة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ : (اللهم ارزق آل محمد قوتاً).
[ش (وتخليهم من الدنيا) وفي بعض النسخ (وتخليهم عن الدنيا)].
[ش (لأعتمد بكبدي) ألصق بطني بالأرض. (لأشد) أربط، وفائدة شد الحجر المساعدة على الاعتدال والقيام. (طريقهم) أي النبي ﷺ وأصحابه رضي الله عنهم. (فأذن لي فدخل) وفي رواية (فأذن لي فدخلت).
(أضياف الإسلام) ضيوف المسلمين. (يأوون) ينزلون ويلتجئون. (فساءني ذلك) أهمني وأحزنني. (جاء..) أي الذي أمرني بدعوته وهم أهل الصفة].
[ش أخرجه مسلم في أوائل الزهد والرقائق، رقم: 2966.
(الحبلة) شجر له شوك. (السمر) نوع من الشجر. (ليضع) يتغوط. (ما له خلط) لا يختلط بعضه ببعض لجفافه وشدة يبسه، الناشيء عن خشونة العيش. (تعزرني على الإسلام) تقومني وتعلمني أحكامه. (خبت إذاً) إذا كان حالي كذلك فقد خسرت. (ضل سعيي) ضاع عملي من قبل].
[ش أخرجه مسلم في أوائل الزهد والرقائق، رقم: 2971].
[ش (أدم) جلد مدبوغ. (ليف) قشر النخيل].
[ش (باللُّحَيم) تصغير لحم، وأشارت بذلك إلى قلته].
[ش (يعيشكم) من أعاشه الله أي أعطاه العيش، وهو ما يقتات به الإنسان.
(من أبياتهم) أي يبعثون بشيء من بيوتهم].
[ش أخرجه مسلم في الزكاة، باب: في الكفاف والقناعة. وفي أوائل الزهد والرقائق، رقم: 1055.
(قوتاً) ما يسد حاجتهم من طعام وشراب ولباس ونحو ذلك].