باب: رفع الأمانة

-3-35 – باب: رفع الأمانة.

6131 – حدثنا محمد بن سنان: حدثنا فليح بن سليمان: حدثنا هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله ﷺ : (إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة). قال: كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: (إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة).

6132 – حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان: حدثنا الأعمش، عن زيد بن وهب: حدثنا حذيفة قال:

حدثنا رسول الله ﷺ حديثين، رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر: (أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم علموا من القرآن، ثم علموا من السنة).

وحدثنا عن رفعها قال: (ينام الرجل النومة، فتقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل أثر الوكت، ثم ينام النومة فتقبض فيبقى أثرها مثل المجل، كجمر دحرجته على رجلك فنفط، فتراه منتبراً وليس فيه شيء، فيصبح الناس يتبايعون، فلا يكاد أحدهم يؤدي الأمانة، فيقال: إن في بنيفلان رجلاً أميناً، ويقال للرجل: ما أعقله وما أظرفه وما أجلده، وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان).

ولقد أتى علي زمان وما أبالي أيكم بايعت، لئن كان مسلماً رده علي الإسلام، وإن كان نصرانياً رده علي ساعيه، فأما اليوم: فما كنت أبايع إلا فلاناً وفلاناً.

قال الفِرَبري: قال أبو جعفر: حدثت أبا عبد الله فقال: سمعت أبا أحمد بن عاصم يقول: سمعت أبا عبيد يقول: قال الأصمعي وأبو عمرو وغيرهما: جذر قلوب الرجال: الجذر الأصل من كل شيء، والوكت أثر الشيء اليسير منه، والمجل أثر العمل في الكف إذا غلظ.

6133 – حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزُهري قال: أخبرني سالم بن عبد الله: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:

سمعت رسول الله ﷺ يقول: (إنما الناس كالإبل المائة، لا تكاد تجد فيها راحلة).


[ش أخرجه مسلم في الإيمان، باب: رفع الأمانة والإيمان من بعض القلوب، رقم: 143.

(الأمانة) الطاعة والتزام الأمر والنهي. (جذر) هو الأصل من كل شيء.

(علموا) أي الأمانة. (الوكت) أثر النار ونحوها. (المجل) التنفط الذي يحصل في اليد من أثر العمل بالفأس ونحوه، أو من مس النار، وهو ماء يجتمع بين الجلد واللحم. (منتبراً) مرتفعا. (ما أظرفه) ما أحسنه. (ما أجلده) ما أقواه وما أصبره. (مثقال) وزن. (خردل) نبت صغير الحب يضرب به المثل في الصغر. (أتى علي زمان) مر علي من قبل. (وما أبالي) لا أبحث عن حال من أبايع لثقتي بأمانته. (ساعيه) الوالي عليه، يقوم بالأمانة في ولايته، فينصفني ويستخرج حقي منه. (فلاناً وفلاناً) يعني أفراداً من الناس قلائل أعرفهم وأثق بأمانتهم. (الفربري) أحد رواة الصحيح عن البخاري رحمه الله تعالى. (أبو جعفر) هو ورَّاق البخاري وكاتبه. (أبو عبد الله) البخاري نفسه].

[ش أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: قوله ﷺ الناس كالإبل مائة، رقم: 2547.

(راحلة) الجمل النجيب الذي يصلح لسير الأسفار ولحمل الأثقال. ومعنى الحديث: يأتي زمان يكون الناس فيه كثيرين، ولكن المرضي منهم والذي يلتزم شرع الله عز وجل قليل، شأن الإبل الكثيرة التي تبلغ المائة، ولا تكاد توجد منها واحدة تصلح للركوب والانتفاع بها. أو المراد: أن الناس دائماً شأنهم هكذا، الصالح فيهم قليل].