باب: الغضب في الموعظة والتعليم، إذا رأى ما يكره

-3- 28 – باب: الغضب في الموعظة والتعليم، إذا رأى ما يكره.

90 – حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان، عن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن أبي مسعود الأنصاري قال:

قال رجل: يا رسول الله، لا أكاد أدرك الصلاة مما يطول بنا فلان، فما رأيت النبي ﷺ في موعظة أشد غضبا من يومئذ، فقال: (أيها الناس، إنكم منفرون، فمن صلى بالناس فليخفف، فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة).

 

91 – حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا أبو عامر قال: حدثنا سليمان بن بلال المديني، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد الجهني:

أن النبي ﷺ سأله رجل عن اللقطة، فقال: (اعرف وكاءها، أو قال وعاءها، وعفاصها، ثم عرفها سنة، ثم استمتع بها، فإن جاء ربها فأدها إليه). قال: فضالة الإبل؟ فغضب حتى احمرت وجنتاه، أو قال احمر وجهه، فقال: (وما لك ولها، معها سقاءها وحذاؤها، ترد الماء وترعى الشجر، فذرها حتى يلقاها ربها). قال: فضالة الغنم؟ قال: (لك أو لأخيك أو للذئب).

 

92 – حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا أبو أسامة، عن يزيد، عن أبي بردة، عن أبي موسى قال:

سئل النبي ﷺ عن أشياء كرهها، فلما أكبر عليه غضب، ثم قال للناس: (سلوني عما شئتم). قال رجل: من أبي؟ قال: (أبوك حذاقة). فقام آخر فقال: من أبي يا رسول الله؟ فقال: (أبوك سالم مولى شيبة). فلما رأى عمر ما في وجهه قال: يا رسول الله، إنا نتوب إلى الله عز وجل. [6861].


[ش (رجل) هو حزم بن أبي كعب، وقيل غيره. (لا أكاد أدرك الصلاة) أتأخر عن صلاة الجماعة أحيانا فلا أدركها. (مما يطول) بسبب تطويل. (فلان) هو معاذ بن جبل رضي الله عنه. (إنكم منفرون) تتلبسون بما ينفر أحيانا. (فليخفف) أي بحيث لا يطيل الصلاة].

[ش (رجل) هو عمير والد مالك. (اللقطة) اسم للشيء الملقوط، الذي يوجد في غير حرز ولا يعرف الواجد مالكه. (وكاءها) هو الخيط الذي يربط به الوعاء ويشد. (وعاءها) الظرف الموضوعة فيه. (عفاصها) الوعاء الذي يكون فيه النفقة، وقيل السدادة التي يسد فيها فم الوعاء. (عرفها)ناد عليها، مبينا بعض صفاتها. (ربها) مالكها. (فضالة الإبل) أي ما حكم التقاط الإبل الضالة. (وجنتاه) مثنى وجنة، وهي ما ارتفع من الخد. (سقاءها) جوفها الذي تشرب فيه الماء فيكفيها أياما. (حذاؤها) خفها الذي تمشي عليه وتضرب به من يفترسها. (فذرها) فدعها. (لك أو لأخيك أو للذئب) أي إما أن تأخذها، أو يلتقطها غيرك، أو يأكلها الذئب إن تركت].

[ش أخرجه مسلم في الفضائل، باب: توقيره ﷺ وترك إمثار سؤاله، رقم: 2360.

(كرهها) كره السؤال عنها، لما قد يكون في الجواب عنها ما يسوء السائل، أو يكون السؤال سببا في تحريم أو وجوب وزيادة تكليف مما لا ضرورة فيه ولا حاجة إليه. (رجل) هو عبد الله بن حذاقة السهمي. (آخر) هو سعد بن سالم. (ما في وجهه) من أثر الغضب. (نتوب إلى الله عز وجل)مما حصل منا وأغضبك].