باب: فضل من شهد بدرا

-3- 8 – باب: فضل من شهد بدرا.

3761 – حدثني عبد الله بن محمد: حدثنا معاوية بن عمر: حدثنا أبو إسحاق عن حميد قال: سمعت أنسا رضي الله عنه يقول:

أصيب الحارثة يوم بدر وهو غلام، فجاءت أمه إلى النبي ﷺ فقالت: يا رسول الله، قد عرفت منزلة حارثة مني، فإن يكن في الجنة أصبر وأحتسب، وإن تكن الأخرى تر ما أصنع، فقال: (ويحك، أو هبلت، أو جنة واحدة هي، إنها جنان كثيرة، وإنه في جنة الفردوس).

3762 – حدثني إسحاق بن إبراهيم: أخبرنا عبد الله بن ادريس قال: سمعت حصين بن عبد الرحمن، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي رضي الله عنه قال:

بعثني الرسول الله ﷺ وأبا مرثد الغنوي والزبير بن العوام، وكلنا فارس، قال: (انطلقوا حتى تأتو روضة خاخ، فإن بها امرأة من المشركين، معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين). فأدركناها تسير على بعير لها حيث قال رسول الله ﷺ ، فقلنا: الكتاب، فقالت: ما معنا كتاب، فأنخناها فالتمسنا فلم نر كتابا، فقلنا: ما كذب رسول الله ﷺ ، لتخرجن الكتاب أو لنجردنك، فلما رأت الجد أهوت إلى حجزتها، وهي محتجزة بكساء، فأخرجته، فانطلقنا بها إلى رسول الله ﷺ ، فقال عمر: يا رسول الله، قد خان الله ورسوله والمؤمنين، فدعني فلأضرب عنقه. فقال النبي ﷺ : (ما حملك على ما صنعت). قال حاطب: والله ما بي أن لا أكون مؤمنا بالله ورسوله ﷺ ، أردت أن يكون لي عند القوم يد يدفع الله بها عن أهلي ومالي، وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله. فقال النبي ﷺ : (صدق، ولا تقولوا له إلا خيرا). فقال عمر إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين، فدعني فلأضرب عنقه. فقال: (أليس من أهل بدر؟ فقال: لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد وجبت لكم الجنة، أو فقد غفرت لكم). فدمعت عينا عمر، وقال: الله ورسوله أعلم.

3763 – حدثني عبد الله بن محمد الجعفي: حدثنا أبو أحمد الزبيري: حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل، عن حمزة بن أبي أسيد، والزبير بن المنذر ابن أبي أسيد، عن أبي أسيد رضي الله عنه قال:

قال لنا رسول الله ﷺ يوم بدر: (إذا أكثبوكم فارموهم، واستبقوا نبلكم).

حدثني محمد بن عبد الرحيم، حدثنا أبو أحمد الزبيري: حدثنا عبد الرحمن ابن الغسيل، عن حمزة بن أبي أسيد والمنذر بن أبي أسيد، عن أبي أسيد رضي الله عنه قال:

قال لنا رسول الله ﷺ يوم بدر: (إذا أكثبوكم – يعني أكثروكم – فارموهم، واستبقوا نبلكم).

3764 – حدثني عمرو بن خالد: حدثنا زهير: حدثنا أبو إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب رضي الله عنهما قال:

جعل النبي ﷺ على الرماة يوم أحد عبد الله بن جبير، فأصابوا منا سبعين، وكان النبي ﷺ وأصحابه أصابوا من المشركين يوم بدر أربعين ومائة، سبعين أسير وسبعين قتيلا، قال أبو سفيان: يوم بيوم بدر، والحرب سجال.

3765 – حدثني محمد بن العلاء: حدثنا أبو أسامة، عن بريد، عن جده أبي بردة، عن أبي موسى – أراه – عن النبي ﷺ قال:

 (وإذا الخير ما جاء الله به من الخير بعد، وثواب الصدق الذي آتانا بعد يوم بدر).

3766 – حدثني يعقوب بن إبراهيم: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جده قال: قال عبد الرحمن بن عوف:

إني لفي الصف يوم بدر، إذ التفت فإذا عن يميني وعن يساري فتيان حديثا السن، فكأني لم آمن بمكانهما، إذ قال لي أحدهما سرا من صاحبه: يا عم أرني أبا جهل، فقلت: يا ابن أخي، وما تصنع به؟ قال: عاهدت الله إن رأيته أن أقتله أو أموت دونه، فقال لي الآخر سرا من صاحبه مثله، قال: فما سرني أني بين رجلين مكانهما، فأشرت لهما اليه، فشدا عليه مثل الصقرين حتى ضرباه، وهما ابنا عفراء.

3767 – حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا إبراهيم: أخبرنا ابن شهاب قال: أخبرني عمرو بن أبي أسيد بن جارية الثقفي، حليف بني زهرة، وكان

من أصحاب أبي هريرة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

بعث رسول الله ﷺ عشرة عينا، وأمر عليهم عاصم ابن ثابت الأنصاري جد عاصم بن عمر بن الخطاب، حتى إذا كانوا بالهدأة بين عسفان ومكة، ذكروا لحي من هذيل يقال له بنو لحيان، فنفروا لهم بقريب مائة رجل رام، فاقتصوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم التمر في منزل نزلوه، فقالوا: تمر يثرب، فاتبعوا آثارهم، فلما حس بهم عاصم وأصحابه لجؤوا إلى موضع فأحاط بهم القوم، فقالوا لهم: انزلوا فأعطوا بأيديكم، ولكم العهد والميثاق: أن لا نقتل منكم أحدا. فقال عاصم بن ثابت: أيها القوم أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، ثم قال: اللهم أخبرعنا نبيك ﷺ ، فرموه بالنبل فقتلوا عاصما، ونزل ثلاثة نفر على العهد والميثاق، منهم خبيب وزيد بن الدثنة ورجل آخر، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها. قال الرجل الثالث: هذا أول الغدر، والله لا أصحبكم، إن لي بهؤلاء أسوة، يريد القتلى، فجرروه وعالجوه فأبى أن يصحبهم، فانطلق بخبيب وزيد بن الدثنة حتى باعوهما بعد وقعة بدر، فابتاع الحارث ابن عامر بن نوفل خبيبا، وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر، فلبث خبيب عندهم أسير حتى أجمعوا قتله، فاستعار من بعض بنات الحارث موسى يستحد بها فأعارته، فدرج بني لها وهي غافلة حتى أتاه، فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده، قالت: ففزعت فزعة عرفها خبيب، فقال: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك، قالت: والله ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب، والله لقد وجدته يوما يأكل قطفا من عنب في يده،وإنه لموثق بالحديد، وما بمكة من ثمرة، وكانت تقول: إنه لرزق رزقه الله خبيبا، فلما خرجوا به من الحرم، ليقتلوه في الحل، قال لهم خبيب: دعوني أصلي ركعتين، فتركوه فركع ركعتين، فقال: والله لولا أن تحسبوا أن بي جزع لزدت، ثم قال: اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا ولاتبق منهم أحدا، ثم أنشأ يقول:

فلست أبالي حين أقتل مسلما – على أي جنب كان لله مصرعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ – يبارك على أوصال شلو ممزع ثم قام اليه أبو سروعة عقبة بن الحارث فقتله، وكان خبيب هو سن لكل مسلم قتل صبرا الصلاة، وأخبر – يعني النبي ﷺ – أصحابه يوم أصيبوا خبرهم، وبعث ناس من قريش إلى عاصم بن ثابت – حين حدثوا أنه قتل – أن يؤتوا بشيء منه يعرف، وكان قتل رجلا عظيما من عظمائهم، فبعث الله لعاصم مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم، فلم يقدروا أن يقطعوا منه شيئا.

3768 – وقال كعب بن مالك: ذكروا مرارة بن الربيع العمري، وهلال بن أمية الواقفي، رجلين صالحين، قد شهدا بدرا.

3769 – حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا ليث، عن يحيى، عن نافع: أن ابن عمر رضي الله عنهما ذكر له:

أن سعيد بن زيد بن عمر بن نفيل، وكان بدريا، مرض في يوم الجمعة، فركب إليه بعد أن تعإلى النهار، واقترب الجمعة، وترك الجمعة.

3770 – وقال الليث: حدثني يونس، عن ابن شهاب قال: حدثني عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة:

أن أباه كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري: يأمره أن يدخل على سبيعة بنت الحارث الأسلمية، فيسألها عن حديثها، وعما قال لها رسول الله ﷺ حين استفتته. فكتب عمر بن عبد الله بن الأرقم، إلى عبد الله بن عتبة بخبره: أن سبيعة بنت الحارث أخبرته: أنها كانت تحت سعد بن خولة، وهو من بني عامر بن لؤي، وكان ممن شهد بدرا، فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته، فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب، فدخل عليها أبو السنابل ابن بعكك، رجل من بني عبد الدار، فقال لها: ما لي أراك تجملت للخطاب، ترجين النكاح، فإنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر. قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت، وأتنت رسول الله ﷺ فسألته عن ذلك، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي، وأمرني بالتزوج إن بدا لي.

تابعه أصبغ، عن ابن وهب، عن يونس. قال الليث: حدثني يونس، عن ابن شهاب: وسألناه فقال أخبرني محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، مولى بني عامر بن لؤي: أن محمد بن إياس بن البكير، وكان أبوه شهيد بدرا، أخبره.


[ش (غلام) هو الصبي الذي لم يبلغ بعد، وكان خرج نظارا، فرماه حبان ابن العرقة بسهم وهو يشرب من الحوض فقتله. (أمه) الربيع بنت النضر عمة أنس بن مالك رضي الله عنهما. (منزلة حارثة مني) أي حبي وتعلقي به. (أحتسب) أطلب الأجر والعوض من الله عز وجل. (الأخرى) أي إن كان في أهل النار. (ما أصنع) أي من البكاء والنحيب ونحو ذلك. (ويحك) كلمة ترحم واسفاق. (هبلت) فقدت عقلك بفقد ابنك، من قولهم هبلته أي ثكلته، وهبله اللحم غلب عليه، وقيل يرد بمعنى المدح والإعجاب، وقيل أجهلت].

[ش (وكلنا فارس) جميعنا نركب الخيل. (فأنخناها) فأنخنا بعيرها. (حجزتها) معقد ازارها، مثل التكة. (محتجزة) شادة كساءها على وسطها].

[ش (لم آمن بمكانهما) خشيت أن ينالني العدو من جهتهما، فلا يستطعان حمايتي لأنهما صغيران. (أرني) فعل الأمر من الإراءة. (فما سرني) ما كنت أرغب. (مكانهما) بدلهما. (الصقرين) مثنى صقر، وهو طائر يصطاد به، والتشبيه به من حيث الشهامة والإقدام، لأنه إذا نشب على الصيدلم يفارقه حتى يأخذه. (ابنا عفراء) معاذ ومعوذ رضي الله عنهما، فهما اللذان قتلاه، شاركهما في هذا معاذ بن عمرو بن الجموح، رضي الله عنهما، وابن مسعود رضي الله عنه أجهز عليه وحز رأسه. [العيني]].

[ش (حس) علم وشعر، أحبس – الرباعي – أفصح، قال تعإلى: {فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله} /آل عمران: 52/. (بددا) اجعلهم أجزاء متفرقة متقطعة. (أبو سرعة) وروي عنه أنه قال: والله ما أنا قتلت خبيبا، لأني كنت أصغر من ذلك، ولكن أبا ميسرة أخا بني عبد الدار أخذ الحربة فجعلها في يدي وبالحربة ثم طعنه بها قتله. (صبرا) حبس ليقتل، وكل من قتل في غير معركة ولا حرب ولا خطأ فإنه مقتول صبرا].

[ش (تعالى النهار) ارتفعت الشمس وقرب وقت الظهر. (ترك الجمعة) أي صلاتها، وكان ذلك لعذر، وهو إشراف على الهلاك].

[ش أخرجه مسلم في الطلاق، باب: انقضاء عدة المتوفي عنها زوجها وغيرها..، رقم: 1484.

(استفته) في انقضاء عدة الحامل بالوضع. (تحت سعد) زوجة له. (تنشب) تلبث. (تعلت) طهرت من دمها وخرجت من نفاسها. (تجملت للخطاب) تعرضت لمن يخطبها، أو تزينت كما تتزين المرأة، وأصبحت متهيئة لأن يخطبها الخطاب. (فدخل عليها) وكان ذلك الدخول لا خلوة فيه، وخاليا عن مخالفة آداب المرأة المسلمة، مع الحجاب الكامل الذي ألفه المسلمون. وكان انكاره لما اعتادوه من عدم ظهور المعتدة كليا، وكان ظنه أنها مازالت في العدة. (ترجين) من الترجية، وهي الأمل وضد اليأس. (بناكح) ليس من شأنك النكاح. (أمرني) أذن لي].