باب: حجة الوادع

-3- 73 – باب: حجة الوادع.

4134 – حدثنا إسماعيل بن عبد الله: حدثنا مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها قالت:

خرجنا مع رسول الله ﷺ في حجة الوادع، فأهللنا بعمرة، ثم قال رسول الله ﷺ : (من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا). فقدمت معه مكة وأنا حائض، ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، فشكوت إلى رسولالله ﷺ فقال: (انقضي رأسك وامتشطي، وأهلي بالحج، ودعي العمرة). ففعلت، فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله ﷺ مع عبد الرحمن بن أبي بر الصديق إلى التنعيم فاعتمرت، فقال: (هذه مكان عمرتك). قالت: فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبينالصفا والمروة، ثم حلوا، ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى، وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا.

4135 – حدثني عمرو بن علي: حدثنا يحيى بن سعيد: حدثنا ابن جريج قال: حدثني عطاء، عن ابن عباس: إذا طاف بالبيت فقد حل، فقلت: من أين قال هذا ابن عباس؟ قال: من قول الله تعالى: {ثم محلها إلى البيت العتيق}. ومن أمر النبي ﷺ أصحابه أن يحلوا في حجة الوادع. قلت: إنما كان ذلك بعد المعرف، قال: كان ابن عباس يراه قبل وبعد.

 

4136 – حدثني بيان: حدثنا النضر: أخبرنا شعبة، عن قيس قال: سمعت طارقا، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:

قدمت على النبي ﷺ بالبطحاء، فقال: (أحججت). قلت: نعم، قال: (كيف أهللت). قلت: لبيك بإهلال كإهلال رسول الله ﷺ ، قال: (طف بالبيت، وبالصفا والمروة، ثم حل). فطفت بالبيت وبالصفا والمروة، وأتيت امرأة من قيس، ففلت رأسي.

4137 – حدثني إبراهيم بن المنذر: أخبرنا أنس بن عياض: حدثنا موسى ابن عقبة، عن نافع: أن ابن عمر أخبره: أن حفصة رضي الله عنها، زوج النبي ﷺ أخبرته:

أن النبي ﷺ أمر أزواجه أن يحللن عام حجة الوادع، فقالت حفصة: فما يمنعك؟ فقال: (لبدت رأسي، وقلتدت هديي، فلست أحل حتى أنحر هديي).

4138 – حدثنا أبو اليمان قال: حدثني شعيب، عن الزهري، وقال محمد ابن يوسف: حدثنا الأوزاعي قال: أخبرني ابن شهاب، عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس رضي الله عنهما:

أن امرأة من خثعم استفتت رسول الله ﷺ في حجة الوداع، والفضل بن عباس رديف رسول الله ﷺ ، فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستوي على الراحلة، فهل يقضي أن أحج عنه؟ قال: (نعم).

4139 – حدثني محمد: حدثنا سريج بن النعمان: حدثنا فليح، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:

أقبل النبي ﷺ عام الفتح، وهو مردف أسامة على القصواء، ومعه بلال وعثمان بن طلحة، حتى أناخ عند البيت، ثم قال لعثمان: (ائتنا بالمفتاح). فجاءه بالمفتاح ففتح له الباب، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وأسامة وبلال وعثمان، ثم أغلقوا عليهم الباب، فمكث نهارا طويلا، ثم خرج وابتدر الناس الدخول، فسبقتهم، فوجدت بلالا قائما من وراء الباب، فقلت له: أين صلى رسول الله ﷺ ؟ فقال: صلى بين ذينك العمودين المقدمين، وكان البيت على ستة أعمدةسطرين، صلى بين العمودين من السطر المقدم، وجعل باب البيت خلف ظهره، واستقبل بوجهه الذي يستقبلك حين تلج البيت، بينه وبين الجدار. وقال: ونسيت أن أسأله كم صلى، وعند المكان الذي صلى فيه مرمرة حمراء.

4140 – حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري: حدثني عروة بن الزبير وأبو سلمة بن عبد الرحمن: أن عائشة زوج النبي ﷺ أخبرتهما:

أن صفية بنت حيي، زوج النبي ﷺ ، حاضت في حجة الوداع، فقال النبي ﷺ : (أحابستنا هي). فقلت: إنها قد أفاضت يا رسول الله وطافت بالبيت، فقال النبي ﷺ : (فلتنفر).

4141 – حدثنا يحيى بن سليمان قال: أخبرني ابن وهب قال: حدثني عمر ابن محمد: أن أباه حدثه، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:

كنا تنحدث بحجة الوداع، والنبي ﷺ بين أظهرنا، ولا ندري ما حجة الوداع، فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر المسيح الدجال فأطنب في ذكره، وقال: (ما بعث الله من نبي إلا أنذره أمته، أنذره نوح والنبيون من بعده، وإنه يخرج فيكم، فما خفي عليكم من شأنه فليس يحفى عليكم: أن ربكم ليس على ما يخفى عليكم – ثلاثا – إن ربكم ليس بأعور، وإنه أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية، ألا إن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا هل بلغت)، قالوا نعم، قال: (اللهم اشهد – ثلاثا – ويلكم، أو ويحكم، انظروا، لا ترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض).

4142 – حدثنا عمرو بن خالد: حدثنا زهير: حدثنا أبو إسحاق قال: حدثني زيد بن أرقم:

أن النبي ﷺ غزا تسع عشرة غزوة، وأنه حج بعد أن هاجر حجة واحدة لم يحج بعدها، حجة الوداع. قال أبو إسحاق: وبمكة أخرى.

4143 – حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة، عن علي بن مدرك، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن جرير:

أن النبي ﷺ قال في حجة الوداع لجرير: (استنصت الناس). فقال: (لا ترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض).

4144 – حدثني محمد بن المثنى: حدثنا عبد الوهاب: حدثنا أيوب، عن محمد، عن ابن أبي بكرة، عن أبي بكرة،

عن النبي ﷺ قال: (الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم: ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر، الذي بين جمادى وشعبان. أي شهر هذا). قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: (أليس ذا الحجة). قلنا: بلى، قال: (فأي بلد هذا). قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: (أليس البلدة). قلنا: بلى، قال: (فبأي يوم هذا). قلنا الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: (أليس يوم النحر) قلنا: بلى، قال: (فإن دماءكم وأموالكم – قال محمد: وأحسبه قال – وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، وستلقون ربكم، فسيسألكم عن أعمالكم، ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالا، يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه). فكان محمد إذا ذكره يقول: صدق محمد ﷺ ، ثم قال: (ألا هل بلغت). مرتين.

 

4145 – حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان الثوري، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب: أن أناسا من اليهود قالوا: لو نزلت هذه الآية فينا لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، فقال عمر: أية آية؟ فقالوا: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}. فقال عمر:إني لأعلم أي مكان أنزلت، أنزلت ورسول الله ﷺ واقف بعرفة.

4146 – حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت:

خرجنا مع رسول الله ﷺ ، فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحجة، ومنا من أهل بحج وعمرة، وأهل رسول الله ﷺ بالحج، فأما من أهل بالحج، أو جمع الحج والعمرة، فلم يحلوا حتى يوم النحر.

حدثنا عبد الله بن يوسف: أخبرنا مالك، وقال: مع رسول الله ﷺ في حجة الوداع. حدثنا إسماعيل: حدثنا مالك: مثله.

4147 – حدثنا أحمد بن يونس: حدثنا إبراهيم، هو ابن سعد: حدثنا ابن شهاب، عن عامر بن سعد، عن أبيه قال:

عادني النبي ﷺ في حجة الوداع، من وجع أشفيت منه على الموت، فقلت: يا رسول الله، بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: (لا). قلت: أفأتصدق بشطره؟ قال: (لا). قلت: فالثلث؟ قال: (والثلث كثير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك). قلت: يا رسول الله، أأخلف بعد أصحابي؟ قال: (إنك لن تخلف، فتعمل عملا تبتغي به وجه الله، إلا ازددت به درجة ورفعة، ولعلك تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون، اللهم أمض لأصحابي هجرتهم، ولا تردهم على أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة). رثى له رسول الله ﷺ أن توفي بمكة.

4148/4149 – حدثني إبراهيم بن المنذر: حدثنا أبو ضمرة: حدثنا موسى بن عقبة، عن نافع: أن ابن عمر رضي الله عنهما أخبرهم:

أن رسول الله ﷺ حلق رأسه في حجة الوداع.

(4149) – حدثنا عبيد الله بن سعيد: حدثنا محمد بن بكر: حدثنا ابن جريج: أخبرني موسى بن عقبة، عن نافع: أخبره ابن عمر:

أن النبي ﷺ حلق في حجة الوداع، وأناس من أصحابه، وقصر بعضهم.

4150 – حدثنا يحيى بن قزعة: حدثنا مالك، عن ابن شهاب، وقال الليث: حدثني يونس، عن ابن شهاب: حدثني عبيد الله بن عبد الله: أن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما أخبره:

أنه أقبل يسير على حمار، ورسول الله ﷺ قائم بمنى في حجة الوداع يصلي بالناس، فسار الحمار بين يدي بعض الصف، ثم نزل عنه، فصف مع الناس.

4151 – حدثنا مسدد: حدثنا يحيى، عن هشام قال: حدثني أبي قال:

سئل أسامة، وأنا شاهد، عن سير النبي ﷺ في حجته؟ فقال: العنق، فإذا وجد فجوة نص.

4152 – حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عدي بن ثابت، عن عبد الله بن يزيد الخطمي: أن أبا أيوب أخبره:

أنه صلى مع رسول الله ﷺ في حجة الوداع المغرب والعشاء جميعا.


[ش أخرجه مسلم في الحج، باب: تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام، رقم: 1245.

(طاف) طواف الإفاضة. (حل) تحلل من إحرامه وإن يسع ويحلق. (قال هذا) أخذه واستنبطه حتى قال به. (محلها..) أي محل الناس من إحرامهم إذا وصلت الأنعام المهداة إلى الحرم مكان ذبحها – وهو عند البيت: أي الكعبة وما حولها – في وقته – وهو يوم النحر – ويكون ذلك بطواف الإفاضة، وهو الركن والزيارة. (العتيق) الموضوع قديما لعبادة الله عز وجل. /الحج: 33/. (المعرف) موضع التعريف، والتعريف هو الوقوف في عرفات، يقال: عرف الناس، إذا شهدوا عرفة، فأطلق اسم المكان – وهو المعرف – على الفعل، وهو التعريف. (قبل وبعد) أي قبل الوقوف وبعده].

[ش (القصواء) اسم ناقة النبي ﷺ . (سطرين) صفين. (تلج) تدخل. (مرمرة) من المرمر، وهو جنس نفيس من الرخام].

[ش (نتحدث بحجة الوداع) نتكلم عنها، لأن النبي ﷺ ذكرها دون أن نفهم المراد من الوداع. (بين أظهرنا) بيننا. (فأطنب) طول. (عنبة طافية) بارزة عن سطح وجهه، كالعنبة التي تبرز وتخرج عن حد أخواتها من حبات العنقود وكأنها حبة طافية على وجه الماء].

[ش أخرجه مسلم في القسامة، باب: تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال، رقم 1679.

(البلدة) أي المحرمة وهي مكة].