-3-7 – باب: ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها.
6061 – حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال: حدثني إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن موسى بن عقبة: قال ابن شهاب: حدثني عروة بن الزبير: أن المسور بن مخرمة أخبره: أن عمرو بن عوف، وهو حليف لبني عامر بن لؤي، كان شهد بدراً مع رسول الله ﷺ ، أخبره:
أن رسول الله ﷺ بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها، وكان رسول الله ﷺ هو صالح أهل البحرين وأمَّر عليهم العلاء بن الحضرمي، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدومه، فوافقت صلاة الصبح مع رسول الله ﷺ ، فلما انصرف تعرضوا له، فتبسم رسول الله ﷺ حين رآهم وقال: (أظنكم سمعتم بقدوم أبي عبيدة، وأنه جاء بشيء). قالوا: أجل يا رسول الله، قال: (فأبشروا وأمِّلوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتلهيكم كما ألهتهم).
6062 – حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر:
أن رسول الله ﷺ خرج يوماً، فصلى على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر، فقال: (إني فرطكم، وأنا شهيد عليكم، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، أو مفاتيح الأرض، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها).
6063 – حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال:
قال رسول الله ﷺ : (إن أكثر ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض). قيل: وما بركات الأرض؟ قال: (زهرة الدنيا). فقال له رجل: هل يأتي الخير بالشر؟ فصمت النبي ﷺ حتى ظننت أنه ينزل عليه، ثم جعل يمسح عن جبينه، فقال: (أين السائل). قال: أنا. قال أبو سعيد: لقد حمدناه حين طلع لذلك. قال: (لا يأتي الخير إلا بالخير، إن هذا المال خضرة حلوة، وإن كل ما أنبت الربيع يقتل حبطاً أو يُلِمُّ، إلا آكلة الخضر، أكلت حتى إذا امتدَّت خاصرتاها، استقبلت الشمس، فاجْتَرَّت وثلطت وبالت، ثم عادت فأكلت. وإن هذا المال حلوة، من أخذه بحَقِّه ووضعه في حقه فنعم المعونة هو، ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع).
6064 – حدثني محمد بن بشار: حدثنا غندر محمد بن جعفر: حدثنا شُعبة قال: سمعت أبا حمزة قال: حدثني زهدم بن مضَّرب قال: سمعت عمران بن حصين رضي الله عنهما،
عن النبي ﷺ قال: (خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم – قال عمران: فما أدري: قال النبي ﷺ بعد قوله مرتين أو ثلاثاً – ثم يكون بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يفون، ويظهر فيهم السِّمَن).
6065 – حدثنا عبدان، عن أبي حمزة، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله رضي الله عنه،
عن النبي ﷺ قال: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء من بعدهم قوم: تسبق شهادتهم أيمانهم، وأيمانهم شهادتهم).
6066/6067 – حدثني يحيى بن موسى: حدثنا وكيع: حدثنا إسماعيل، عن قيس قال:
سمعت خبَّاباً، وقد اكتوى يومئذ سبعاً في بطنه، وقال: لولا أن رسول الله ﷺ نهانا أن ندعو بالموت لدعوت بالموت، إن أصحاب محمد ﷺ مضوا، ولم تنقصهم الدنيا بشيء، وإنا أصبنا من الدنيا ما لا نجد له موضعاً إلا التراب.
(6067) – حدثني محمد بن المثنى: حدثنا يحيى، عن إسماعيل قال: حدثني قيس قال:
أتيت خباباً، وهو يبني حائطاً له، فقال: إن أصحابنا الذين مضوا لم تنقصهم الدنيا شيئاً، وإنا أصبنا من بعدهم شيئاً، لا نجد له موضعاً إلا التراب.
6068 – حدثنا محمد بن كثير: عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن خباب رضي الله عنه قال: هاجرنا مع رسول الله ﷺ ، قصَّه.
[ش (زهرة..) بهجتها وحسنها ونضارتها. (التنافس) من النفاسة، وهي: الرغبة في الشيء ومحبة الانفراد به والمغالبة عليه].
[ش (فوافقت) في نسخة (فوافته) وأخرى (فوافت). (تلهيكم) تشغلكم عن الآخرة].
[ش أخرجه مسلم في الزكاة، باب: تخوف ما يخرج من زهرة الدنيا، رقم: 1052.
(حمدناه حين طلع ذلك) حمدنا الرجل حين ظهر هكذا، لأن سؤاله صار سبباً لاستفادتنا منه ﷺ ، وفي نسخة (اطلع لذلك). (الخضر) وفي بعض النسخ (الخضرة). (يفون) وفي بعض النسخ (يوفون)].
[ش (لم تنقصهم الدنيا) لم تدخل الدنيا فيهم نقصاً بوجه من الوجوه، أي لم يشتغلوا بجمع المال بحيث يلزم في كمالهم نقصان. (إلا التراب) أراد به بناء الحيطان].
[ش (قصَّه) أي قص الحديث الذي سبق بتمامه في فضائل الصحابة، باب: هجرة النبي ﷺ ..، رقم: 3684].