-3-7 – يمين الرجل لصاحبه: إنه أخوه، إذا خاف عليه القتل أو نحوه.
وكذلك كل مكره يخاف، فإنه يَذبُّ عنه الظالم، ويقاتل دونه ولا يخذله، فإن قاتل دون المظلوم فلا قود عليه ولا قصاص.
وإن قيل له: لتشربنَّ الخمر، أو لتأكلنَّ الميتة، أو لتبيعنَّ عبدك، أو تقرُّ بدَين، أو تهب هبة، أو تحلُّ عقدة، أو لنقتلنَّ أباك أو أخاك في الإسلام، وما أشبه ذلك، وسعه ذلك، لقول النبي ﷺ : (المسلم أخو المسلم).
وقال بعض الناس: لو قيل لتشربنَّ الخمر، أو لتأكلنَّ الميتة، أو لنقتلنَّ ابنك أو أباك، أو ذا رحم محرم، لم يسعه، لأن هذا ليس بمضطر. ثم ناقض فقال: إن قيل له: لنقتلنَّ أباك أو ابنك، أو لتبيعنَّ هذا العبد، أو لتقرنَّ بدَين أو تهب، يلزمه في القياس، ولكنا نستحسن ونقول: البيع والهبة، وكل عقدة في ذلك باطل. فرَّقوا بين كل ذي رحم محرم، وغيره، بغير كتاب ولا سنة.
وقال النبي ﷺ : (قال إبراهيم لامرأته: هذه أختي، وذلك في الله).
وقال النخعي: إذا كان المستحلف ظالماً فنيَّة الحالف، وإن كان مظلوماً فنيَّة المستحلف.
6551 – حدثنا يحيى بن بكير: حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب: أن سالماً أخبره: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أخبره:
أن رسول الله ﷺ قال: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته).
6552 – حدثنا محمد بن عبد الرحيم: حدثنا سعيد بن سليمان: حدثنا هشيم: أخبرنا عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، عن أنس رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ : (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً). فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟ قال: (تحجزه، أو تمنعه، من الظلم فإن ذلك نصره).
[ش (فإنه) أي فإن المسلم. (يذب) يدفع. (دون المظلوم) أي دفاعاً عنه، وقتل الظالم أو جرحه. (فلا قود..) لا قصاص عليه ولا دية. (تحل عقدة) تحل تفسخ، أي تفسخ عقداً أمضيته، أو تبطل تصرفاً قمت به. (وسعه ذلك) جاز له فعل الأشياء التي طلبت منه ليخلص أباه أو أخاه من القتل.
(بعض الناس) قيل أراد بهم الحنفية. (لم يسعه) لم يجز له فعل ما طلب منه. (ليس بمضطر) أي ليس بمكره، لأن الإكراه يكون فيما يتوجه إلى الإنسان في خاصة نفسه لا في غيره. (ناقض..) أي ناقض قوله بعدم الجواز في الصورة الأولى وعدم اعتبار الإكراه فيها، بقوله به في الصورةالثانية واعتبار الإكراه فيها، من حيث القياس، أي قواعد الشرع التي تقرر رفع الحرج تستدعي ذلك. وأيضا: قولهم بعدم الإكراه يستلزم صحة بيع العبد والإقرار بالدين أو الهبة، بينما قالوا بعدم صحة ذلك استحساناً، وهذا تناقض. والاستحسان هو العدول عن مقتضى القياس لوجه أقوى يقتضي ذلك العدول. (فرقوا..) أي لو قال له: لتقتلن هذا الرجل الأجنبي أو لتبيعن كذا، فباع، لزمه البيع، ولو قيل له ذلك في ذي الرحم لم يلزمه. (بغير كتاب..) أي بغير دليل. (وقال النبي..) أراد به الاستشهاد على عدم الفرق بين الأجنبي وغيره في هذا الباب، لأنه أخوه في الإسلام. (فنيَّة..) أي هي المعتبرة].